كتاب واراء

أوكرانيا ومنظمة المؤتمر الإسلامي: الدور والأداة والمشهد

كييف والتوظيف للشعب التتاري المسلم: الحذر كل الحذر.

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

تسعى أوكرانيا المختطفة والمغتصبة، من قبل النازيين والفاشيين والليبراليين الجدد، وعبر الدمية فولدميير زيلنسكي، لنقل حلبة صراعها مع روسيّا، الى ساحة منظمة المؤتمر الاسلامي، حيث قدّمت طلباً ومنذ بضع سنيين خلت، في مطالبة لها، باعتمادها كعضو مراقب في المنظمة.

وعلى جلّ العرب والمسلمين اليوم، وبعد عقابيل وتداعيات، المواجهة الروسية الأطلسية، ان كان لديهم عقل يقدح: أن يكونوا مثل جاك شيراك في السياسة، يقفون في مواجهة أمريكا حيثما وقفت، ومثل فرانسوا ميتران، في لعبة الأمم، يقفون مع لاعب الشطرنج الروسي، لا لاعب البوكر الأمريكي. 

أوكرانيا فيما مضى، قدّمت أدلة واثباتات واهية وغير مقنعة من زاويتها تفيد، بوجود عشرات آلاف من المسلمين على أراضيها، خاصة في جزيرة القرم، علماّ أنها جزيرة القرم، لم تعد أوكرانية بالمطلق، بعد اعلانها الانضمام الى روسيّا عبر استفتاء شعبي نزيه، ودون اطلاق رصاصة واحدة، وبالتالي لا يوجد مسلمين في أوكرانيا.

ووفق المعلومات: تسعى أوكرانيا من خلال طلبها، لتشكيل تكتل وتحالف مع تركيا في المنظمة الإسلامية، بهدف التشويش على روسيّا بالدرجة الأولى، وليس من أجل مصالح المسلمين على أراضيها، وعددهم أصبح قليل الان، باستثناء زعيم تتار القرم مصطفى جميلوف، وعدد من أعضاء مجلس شعب تتار القرم، والذين تستعملهم كييف في مصالحها ضد روسيّا.

تركيا: تأمل باستخدام أوكرانيا، في تحقيق مآربها، من أجل مصالحها الحيوية في هذه المنطقة، فيما تريد كييف استخدام أنقرة، في حربها ضد روسيّا، عبر مسارات ورؤى الأجندة الأمريكية والغربية، وهو ما سيحوّل منظمة المؤتمر الإسلامي، الى ساحة مناكفات ومماحكات وصراع، هموم ومشاكل الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، في غنى عنها.

حسناً: لنبحث في جزئية، معيارية الموقف من عملية طوفان الأقصى، التي ما زالت مستمرة حتى اللحظة، لتبيان عمق وقاحة الدمية الأنجلوسكسونية – فولدميير زيلنسكي في موقفه منها وبلاده، مقابل موقف الرئيس الروسي وبلاده منها:

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال وبوضوح: إنّ "إسرائيل" كانت قد استولت على الأراضي الفلسطينية الأصلية باستخدام القوة العسكرية، فهي قوّة احتلال، وأضاف الرئيس بوتين: انّ القضية الفلسطينية، في قلب كلّ إنسان في هذه المنطقة(الشرق الأوسط)، وكذلك في قلب كل من يعتنق الإسلام، وكما أشار الرئيس: إلى أنّ المسلمون يعتبرون الأزمة الفلسطينية - ليس الآن فقط بل منذ عقود - مظهرًا من مظاهر الظلم، وصل إلى درجة لا يمكن تصورها، ولفت أنّ الفكرة كانت في الأصل إقامة دولتين مستقلتين ذات سيادة، "إسرائيل" وفلسطين، لكن القرار تم تنفيذه جزئيا فقط".

وجاءت تصريحات بوتين بالتزامن مع إطلاق حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى في غزة، عملية طوفان الأقصى، ردّاً على اعتداءات القوّات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة، بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة.

في المقابل، سارع الرئيس الأوكراني الدمية: فولوديمير زيلينسكي، للتنديد بهجوم حماس في السابع من أكتوبر هذا العام، وتبرير البربرية الإسرائيلية الوحشية النازية الفاشية، بارتكاب جرائم حرب موصوفة في القانون الدولي، بحق شعب غزّة، بحق أطفال رضّع، ونساء عاجزات، وشيوخ ركّع في بيوت العبادة، من مسلمين ومسيحيين، ورجال كلّهم من المدنيين، وقال بوقاحة عزّ نظيرها: إنّ "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لا يمكن التشكيك فيه"، وهذا انحياز أوكراني سافر وصفق سياسياً، ومستولد من الانحياز الغربي والامريكي الوقح أيضا، الى جانب قوّة الاحتلال الوحيدة المتبقية في العالم، وهي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين التاريخية من البحر الى النهر.

وسبق أن هاجم الرئيس الأوكراني، في عدة مناسبات المقاومة الفلسطينية، وقال: إنّ أوكرانيا تدافع عن نفسها ضد "الغزو الروسي"، كما "تدافع إسرائيل عن ذاتها" ضد الهجمات الفلسطينية، وأضاف هذا الدمية الانجلوسكسونية: انّ كييف تعبّر عن دعمها "لإسرائيل" في حقها بالدفاع عن نفسها وشعبها.

ويجيء هذا الدمية الانجلوسكسونية فولوديمير زيلينسكي، ويطالب العالم الإسلامي والعربي، في أن يوافقوا على عضوية أوكرانيا في منظمة التعاون الإسلامي، وهي دولة بلا مسلمين، بجانب موقف العار الذي اتخذه في دعم إسرائيل وجرائمها الوحشية في غزّة والضفة الغربية المحتلة، وتحت عنوان الدفاع عن النفس، وموقف بلاده – أوكرانيا، المخزي والسافر والوقح، بالوقوف الى جانب الكيان الصهيوني في قتله، شعب عربي ومسلم في غزة، وفي الضفة الغربية المحتلة، يقاتل هذا الشعب العربي المسلم في غزة، من أجل استعادة وطنه وانتزاع حقوقه، فأي وقاحة ونذالة هذه لرئيس، يقف الى جانب إسرائيل، ضد الفلسطينيين مسلمين ومسيحين، ويطالب من منطمة التعاون الإسلامي والعرب، أن تمنحه عضوية مراقب فيها؟ وأي مفارقات عجيبة؟.

وضمن رؤية أمريكية بريطانية وغربية أوروبية استخباراتية وسياسية ودبلوماسية، تقوم السلطات الأوكرانية في كييف، إلى دعم ما يسمى بمجلس الشعب التتري في القرم الروسي، بالرغم من عودة القرم الى روسيّا ومنذ سنوات، وعبر استفتاء شعبي، للعبث في استقرار القرم وشرق أوكرانيا، وبالتالي لمزيد من الضغوط على الفدرالية الروسية والكرملين، والذي يتولاه كل من المدعو: السيد جميليف والسيد تشوباروف ومجموعاتهم ولوبيات مافيويّة، وجعلهما يرفعان ويستخدمان شعارات على شاكلة: حماية حقوق الشعب التتري المسلم، ودفعهما إلى الاستفادة الشخصية من وراء ذلك، وتوظيفه كمشروع اقتصادي شخصي، وحتّى وقبل أن تعود القرم الى الفدرالية الروسية، فتركزت جلّ التبرعات التي حصلا عليها، في أيديهما والجماعات التابعة لهما، وما زالا حتّى اللحظة مستمران في نفس النشاط لمزيد من الأرباح عبر توظيفات لعملياتهما الدعائية هذه وتحت عنوان: حماية الحقوق للشعب التتري المسلم في القرم، لتحقيق شيء واحد أوحد، وهو جذب اهتمام بعض الدول العربية وبعض الدول الإسلامية، والتي تموّل أي نشاطات معارضة ومعادية لروسيّا، ومن هنا تسعى العاصمة الأوكرانية كييف إلى الترويج لما يسمى بمجلس الشعب التتري برئاسة كل من الأدوات العملاء: جميليف وتشوباروف، ضمن مسار استراتيجية إعلامية بروبوغاندا، ورفع عمل هذا المجلس التتري المزعوم بل المجلس الوهم على المستوى الدولي، إن في الأمم المتحدة، وان في جلّ المنظمات الإقليمية والدولية العالمية كمنظمة مؤتمر التعاون الإسلامي، لمزيد من الضغط على الفدرالية الروسية، خاصةً وأن موسكو هي عضو مراقب في هذه المنظمة، حيث السيد تركو داودوف، مندوباً دائماً لروسيّا لدى منظمة التعاون الإسلامي، قرار وقعه هذا العام الرئيس فلادمير بوتين في تموز بعد اقالة المندوب السابق، ومنظمة المؤتمر الإسلامي هي ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، وحتى يونيو 2011 م، كانت تسمى "منظمة المؤتمر الإسلامي"، وتضم المنظمة، التي تتخذ من جدة مقراً لها، 57 دولة، وتتمتع روسيا بوضع عضو مراقب فيها.

الشعب التتري المسلم في القرم، هو ضد عمل هذا المجلس الذي يتزعمه أثنين من أدوات المخابرات الأمريكية والبريطانية والأوكرانية، وحتّى أنّ عرائض قدمت في السابق(وقبل عودة القرم إلى روسيّا)من قبل الشعب التتري، إلى الرئيس الاوكراني السابق يوروشينكو، يشكون فيه على أنّ هذا المجلس المزعوم سيطر بدعم سلطات كييف على كل خدمات النقل باتجاه جزيرة القرم، ومنع التتار هناك من المشاركة في هذا العمل كقطاع اقتصادي منتج، الأمر الذي تركهم نهشّاً للفقر والجوع وبدون لقمة عيش كريم، بجانب خطابات مسجّله على اليوتيوب وعلى جلّ وسائل التواصل الاجتماعي، تخاطب المسؤولين في كييف حول عمل هذا المجلس الوهم، والذي لا يريد أن يدافع عن مصالح التتار في النزاعات بينهم وبين شعوب أوكرانية أخرى، ونظرة سريعة على آلاف من المقالات والتحليلات في معظم الصحف الأوكرانية، لوجدنا شتائم عميقة بحق القائمين على هذا المجلس التتاري الوهم والمزعوم، وعلى رأسه كل من جميليف وتشوباروف، وعلى شاكلة: كلاب، حيوانات، أسود، خنازير، ومع كل ذلك، فهذا المجلس لا يأخذ بباله كل ذلك وما يهمه فقط هو الربح وملىء الجيوب والبطون. 

والمصيبة أنّ سلطات كييف لم تأخذ ببالها خطابات الشعب التتاري في القرم، ضد هذا المجلس المزعوم، المجلس الوهم، المجلس الأداة، في الفترة التي سبقت عودة جزيرة القرم إلى موسكو عبر استفتاء شعبوي نزيه لم تطلق رصاصة واحدة فيه، بل ما زالت وحتى الآن وبعد عودة القرم إلى روسيّا، تدعم هذا المجلس لمزيد من الضغط على موسكو وحسب توجيهات المخابرات الأمريكية والبريطانية، كما تساهم سلطات كييف في نشر معلومات كاذبة عن انتهاكات مزعومة لحقوق الشعب التتري في القرم وهي معلومات كاذبة بامتياز. 

ومنذ فترة ليست بالطويلة، قام أحد الصحفيين الأوكرانيين المشهورين(كوتسابا)ومعه فريق عمل من الإعلاميين وخبراء في إجراء استطلاعات الرأي، بزيارة جزيرة القرم وأجرى الكثير من اللقاءات مع زعماء وشخصيات من الشعب التتاري المسلم هناك، وناقش هذا الأمر وعمل المجلس التتاري، وقد أعرب أغلبية التتار في الاستطلاع إياه وبنسبة 93 % عن عدم قبولهم ورضاهم عن عمل السيد جميليف والسيد تشوبانوف ومجموعتهما وأدواتهما، حيث قاد عملهم جميعاً هؤلاء العاملون في خلية مخابراتية أمريكية أوكرانية بريطانية غربية، إلى خلق وتخليق طائفية بغيضة ونشر البغضاء والفتن بين الروس والتتار والأوكرانيين، لذلك طالب ويطالب الشعب التتاري من القائمين على المجلس الوهم المزعوم مجلس الشعب التتاري بعدم التصريح باسم الشعب التتاري. 

انّ المملكة الأردنية الهاشمية، تربطها علاقات دبلوماسية مع كل من الفدرالية الروسية ومع أوكرانيا، ولديها مصالح مشتركة مع موسكو وكييف، وان كانت علاقاتها مع موسكو أعمق وأوسع أفقياً بكثير من علاقاتها مع كييف، حيث العلاقات مع كييف مضى عليها سبعة وعشرين عاما، في حين مع موسكو أكثر من ذلك بكثير وأضعاف تلك المدة مع كييف، حيث الأخيرة كانت جزءً من الاتحاد السوفياتي السابق، وهناك محاولات من جانب الأمريكان والسلطات الأوكرانية في إثارة ما تسمى بانتهاكات حقوق الشعب التتاري التي يروج لها المجلس التتاري لدى المنظمات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي. 

وأحسب وأعتقد أنّه من المنطق والصواب وجادّة الطريق الاستراتيجي، على حكومة المملكة الأردنية الهاشمية ومؤسساتها، أن تنأى بنفسها وتكون بعيدة عن تأييد كييف ومبادرات المجلس التتاري الوهم والمزعوم في المنظمات الدولية وخاصة في منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث يعد ذلك تدخلاً في شؤون الدول الأخرى، وكذلك الحال بأن ينسحب موقفها هذا لدى منظمة الأمم المتحدة إذا ما أثير هذا الأمر، إلاّ بالقدر الذي يوقف اللعب باستقرار القرم، وشرق أوكرانيا – دونباس – روسيّا القديمة، وبالتالي الأضرار باستقرار الفدرالية الروسية. 

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد