كتاب واراء

حين هجم أحباب الحياة على الحياة فأبادوها في صبرا وشاتيلا

 

 

 رغم مرور الزمن ، ما زالت ذكرى المجزرة الوحشية محفورة كالوشم في الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني ... كالوشم المرسوم بدمِ الأطفال والنساء والعجائز ...

واحد وأربعون عاماً مضت على ذكرى أبشع وأفظع إبادة جماعية تمازج فيها الدم الفلسطيني باللبناني وأختُرِقت فيها كل الأعراف والقوانين الدينية والأخلاقية والإنسانية ، من قتل وذبح وسحل وتقطيع أوصال وأغتصاب وتشويه...حتى الأجنّة في بطون الأمَّهات لم تسلم من هؤلاء الوحوش ...لا ..حتى الوحوش في الغابة لديها قوانينها... هم كائنات لا أجد لها تسمية ولا تعريف ... 

واحد وأربعون عاماً والجرح النازف ما زال ينُّزُ وجعاً وحزناً وقهراً وانتظاراً لعقابٍ لم يحدث ولعدالةٍ مفقودة ...

واحد وأربعون عاماً على المذبحة التي أرتكبها الجيش الإسرائيلي وجيش العميل سعد حداد والقوات اللبنانية ، الجناح العسكري لحزب الكتائب في ذلك الوقت ...

ثلاثة أيام من القتل الوحشي لسكان مخيّمي صبرا وشاتيلا العُزّل ... نساء وأطفال وعجائز لا حول لهم ولا قوّة ... ثلاثة أيام في التفنن في الأجرام وأختراع لطُرُق التعذيب والإغتصاب والتدمير ...أدوات القتل كانت متنوعة ومتعددة ... رشاشات ومسدسات وكل أنواع السكاكين والسواطير من أجل قطع الرؤوس والأوصال وبتر الأعضاء ... وبقر بطون الحوامل ... وجراّفات للهدم ... حاصروا المكان وأقفلوا كل المداخل ومنعوا وكالات الأنباء والأعلام من الدخول وبدأ القتل الطويل الممتد بألَمهُ وقهره وحزنه رغم مرور الزمن إلى قلوب الأبناء وأحفاد الشهداء ووجدان كل ابناء فلسطين وشرفاء العرب والعالم الإسلامي ...تناثرت الجثث في كل الازقة والطرقات ... واختلطت الأشلاء مع الردم والحجارة التي تساقطت بعد دخول الجرافات لهدم كل شيء ... هدم المخيمات ببيوتها وسكانها وحجرها وبشرها !!! إنهاء كل ما يذكّر بوجود فلسطين ... وتحول المكان الى بحرٍ من الدماء والجثث والأطراف المبتورة والأشلاء الممزّقة ...تلال من الجثث والردم والدماء... الموت وحده سيد المكان ... الدم وحده لون المكان ... وانين ...أنين من ينازعون في لحظاتهم الأخيرة ... لا شيء يدل على الحياة ... هؤلاء القتلة الذين ينشرون الموت في كل مكان يدوسونه ... أصحاب نظرية (حب الحياة ) وأسيادهم الصهاينة من خلفهم ...قتلوا الحياة ... اعداء الحياة والأنسان والضمير والقيّم لم يرحموا دموع الأطفال ورعبهم ولا أنين العجائز وعجزهم ... 

ورغم العقود التي مضت على هذه المذبحة ، ما زال السفاح بلا عقاب ...والحق بلا نصير ... والعدل تائهاً في اروقة الهيئات الدولية ... لغاية اليوم لم تتم أي محاكمة عادلة لمجرمي تلك المذبحة ، باستثناء لجنة كاهان التي شكّلها الكيان الغاصب أنذاك وأدانت آرييل شارون ولم تعاقبه بل كرّمته بتكليفه تشكيل الحكومة ...ولكن هذه الجريمة لن تسقط بتقادم الزمن وأصحاب الدم وأحفاد الشهداء وأهل فلسطين لن يسامحوا ولن يغفروا ولن ينسوا حقّهم الساكن في لاوعيهم الجمعي وفي أرشيف الذاكرة...

فالمجد والخلود لأرواح شهداء صبرا وشاتيلا ...ولكل شهداء فلسطين والمقاومة...والذل والعار لمرتكب هذه الجريمة الوحشية ولكل من شارك فيها ... والخزي والعار لهيئات النفاق الدولية الصامتة عن الحق ... صبرا وشاتيلا وكل المذابح التي سبقتها وتلتها وما زالت مستمرّة حتى اليوم ، كشفت كذبكم وزيف شعاراتكم وأسقطت الأقنعة عن وجوهكم القبيحة وأن كل القيم والمبادئ التي تتشدقون بها وأثبتت أنها ما هي إلا نفاق وكذب وتضليل للشعوب وأنكم لستم اكثر من أدوات لأميركا وربيبتها إسرائيل ... وستبقى صبرا وشاتيلا لعنة تلاحقكم حتى إحقاق الحق ... وستظل هذه المأساة وصمة عار في تاريخكم وتاريخ الإنسانية .

 

   * هيام وهبي*


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد