الحلُّ الوحيدُ لإيقافِ العدوانِ ورفعِ الحصارِ عن غزَّة هو تحطيمُ أصنامِ الاستكبارِ العالميِّ كما حطَّمَ النبيُّ إبراهيمُ أصنامَ النمرود.
عدنان عبدالله الجنيد أبو الحمزة
(كاتب وباحث سياسي مناهض الاستكبار العالمي.
تمهيد:
معركةُ الفتحِ الموعودِ... حينَ يهتزُّ عرشُ الطغيانِ
في معركةِ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدَّسِ نصرةً لغزَّة، أثبتَ محورُ المقاومةِ — من اليمنِ الصامدِ إلى أعماقِ فلسطينَ المحتلَّةِ — أنَّ زمنَ الهيمنةِ الصهيونيَّةِ والأمريكيَّةِ على هذه الأمَّةِ إلى زوالٍ حتميٍّ.
لقد شَهِدَ هذا العالمُ اليومَ تحوُّلًا استراتيجيًّا مزلزلًا:
الحصارُ البحريُّ والجويُّ المفروضُ على العدوِّ الصهيونيِّ.
إهانةُ البحريةِ الأمريكيَّةِ في البحرِ الأحمرِ.
استهدافُ العُمقِ الصهيونيِّ من أقصى المدى.
وفي ظلِّ هذا الفعلِ المقاومِ العظيمِ، كانَ خطابُ قائدِ الثورةِ اليمنيَّةِ — السيِّد عبدالملك بدر الدين الحوثي — كلَّ خميسٍ، يُرسِّخُ في قلوبِ أبناءِ الأمَّةِ معنى الصمودِ والثباتِ، ويرفعُ منسوبَ الوعيِ الجهاديِّ والكرامةِ الوطنيَّةِ.
وكانَ أروعَ ما قدَّمهُ السيِّدُ القائدُ هذا العامَ هو درسهُ في العشرِ من ذي القعدة، مستلهمًا قصةَ النبيِّ إبراهيمَ الخليلِ — عليهِ السَّلامُ — كمنهاجٍ لتحطيمِ الهزيمةِ النفسيَّةِ في وجدانِ الأمَّةِ، واستنهاضِ العقولِ من ركامِ الاستسلامِ.
إبراهيمُ... حُجَّةُ العقلِ على بُهتانِ الصنمِ
في أزمنةِ التيهِ الجاهليِّ، حينَ كانت الأصنامُ تحكمُ العقولَ والقلوبَ، وقفَ إبراهيمُ الخليلُ — عليهِ السَّلامُ — وقفةَ البرهانِ في وجهِ البهتانِ.
ما قيمةُ صنمٍ لا ينفعُ ولا يضرُّ؟
ما معنى عبادةِ حجرٍ أصمَّ أخرسَ؟
{ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴿٧٢﴾ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴿٧٣﴾ } ، سورة الشعراء: ٧٢-٧٣]
وحينَ عجزَ القومُ عن الإجابةِ، أهوى عليهم بفأسِ الحقِّ:
{ فَجَعَلَهُمْ جُذَٰذًا إِلَّا كَبِيرًاۭ لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ }
[الأنبياء: ٥٨]
إلَّا كبيرهم... تُرِكَ قائمًا حُجَّةً عليهم: كيفَ عبدتم ما لا يستطيعُ أن يدفعَ عن نفسهِ ضربةَ فأسٍ؟
هكذا انكشفتِ الأسطورةُ الوثنيَّةُ وسقطَ جدارُ الوهمِ.
الاستكبارُ العالميُّ... أصنامُ النمرودِ في حلَّةِ العصرِ
اليومَ — في عصرِنا هذا — عادتِ الأصنامُ بثوبٍ جديدٍ:
ليستْ حجارةً في معبدٍ... بل أنظمةٌ، حكوماتٌ، دولٌ كُبرى متغطرسةٌ، تُقيمُ الطغيانَ السياسيَّ والاقتصاديَّ والثقافيَّ على رقابِ البشريَّةِ.
أمريكا — رأسُ الطاغوتِ —
إسرائيل — نُطفةُ النمرودِ في جسدِ الأمَّةِ
وإلى جوارهما صهاينةُ العربِ، وكلُّ أدواتِ العمالةِ والخيانةِ.
هؤلاءِ يسعونَ إلى استعبادِ الشعوبِ وتحويلِ الإنسانِ العربيِّ والمسلمِ إلى تابعٍ ذليلٍ يخضعُ بالكاملِ لإرادتِهم.
صهاينةُ العربِ... أصنامُ الاستكبارِ العالميِّ
صهاينةُ العربِ اليومَ همُ الامتدادُ الوقحُ لأصنامِ النمرودِ الأنظمة المطبعة:
همُ الذينَ خرُّوا سُجَّدًا تحتَ أقدامِ البيتِ الأبيضِ.
همُ الذينَ نقلوا أموالَ الأمةِ إلى خزائنِ واشنطنَ.
همُ الذينَ فتحوا أجواءَ العربِ للطائراتِ الصهيونيَّةِ.
همُ الذينَ هرولوا إلى "تل أبيبَ" مُطبِّعينَ.
همُ الذينَ قدَّموا المساعداتِ العسكريَّةَ والاستخباراتيَّةَ للعدوِّ الصهيونيِّ ضدَّ شعبِ غزَّةَ.
إنهمُ أصنامُ الاستكبارِ العالميِّ... وتحطيمُهم هو السبيلُ الوحيدُ لتحريرِ القرارِ العربيِّ والإسلاميِّ، ورفعِ الحصارِ عن غزَّةَ، وكسرِ شوكةِ العدوِّ الصهيونيِّ.
وبتحطيمِ أصنامِ الاستكبارِ العالميِّ — صهاينةِ العربِ — سوف تُزالُ الغدَّةُ السرطانيَّةُ المتمثِّلةُ بالكيانِ اللقيطِ من جسدِ الأمَّةِ إلى الأبدِ.
إبراهيمُ العصرِ... كاسرُ أصنامِ اليومِ
اليومَ يقفُ في وجهِ هذا الطغيانِ إبراهيمُ العصرِ — السيِّدُ القائدُ عبدالملك بدر الدين الحوثي — يحفظهُ الله — مُستلهمًا نهجَ الخليلِ إبراهيمَ — عليهِ السَّلامُ — في كسرِ الأصنامِ وتحطيمِ أوثانِ العبوديَّةِ.
في خطاباتهِ المتواصلةِ، يُربِّي الأمَّةَ على رفضِ الخضوعِ لأيِّ طاغوتٍ، وعلى التمسُّكِ بمنهجِ العزَّةِ الإيمانيَّةِ.
وفي فعلهِ المقاومِ، يدعمُ المجاهدينَ بالسلاحِ والإرادةِ في مواجهةِ أمريكا وإسرائيل.
وكما فعلَ إبراهيمُ الخليلُ — عليهِ السَّلامُ — حينَ قدَّمَ الحُجَّةَ والبرهانَ قبلَ أن يُهوِيَ بفأسهِ على الأصنامِ، كذلكَ يفعلُ إبراهيمُ العصرِ — يحفظهُ اللهُ — في معركةِ الوعيِ قبلَ معركةِ السلاحِ؛ فقد قدَّمَ حججَهُ الناصعةَ واستدلالاتِه المُلزِمةَ إلى أصنامِ قوى الاستكبارِ العالميِّ والأنظمةِ المطبِّعةِ: إمَّا أن يكفُّوا أيديَهم عن محاربةِ الأمَّةِ واستهدافِ غزَّةَ وفلسطينَ واليمنِ ولبنانَ... وإمَّا أن يُجعَلوا — لا محالةَ — جُذاذًا تحتَ مطرقةِ محورِ المقاومةِ.
وإنَّهُ على يديهِ يتحقَّقُ اليومَ دعاءُ إبراهيمَ الخليلِ — عليهِ السَّلامُ —:
{ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا }
[سورة إبراهيم: ٣٧]
فتكونُ أرضُ الإيمانِ والحكمةِ، وبلادُ العروبةِ والإسلامِ، محرَّرةً من أرجاسِ الطاغوتِ وأوثانِ العصرِ.
الخاتمة:
الفأسُ الإبراهيميَّةُ... بيدِ محورِ المقاومةِ
لن تُرفعَ الحربُ عن غزَّةَ، ولن يُكسرَ الحصارُ، ولن تُحرَّرَ فلسطينُ إلَّا إذا حملتِ الأمَّةُ فأسَ إبراهيمَ:
فأسَ الوعيِّ المقاومِ، فأسَ الكرامةِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ، فأسَ السلاحِ المزلزلِ لأركانِ العدوِّ.
وإنَّ الفأسَ الإبراهيميَّ اليومَ بأيدي المجاهدينَ في محورِ المقاومةِ، من اليمنِ إلى غزَّةَ إلى جنوبِ لبنانَ إلى كلِّ حرٍّ في هذا العالمِ.
{ فَجَعَلَهُمْ جُذَٰذًا }... وسيجعلُهمُ المجاهدونَ جُذَاذًا... "فَوَعْدُ اللهِ أصدقُ من كُلِّ كذِبٍ، ونصرُهُ آتٍ ولو كرهَ المستكبرون."