د. بتول عرندس
ما نشرته خلية الإعلام الأمني ليس مجرد فيديو، بل شهادة حقيقية على عراقٍ ينهض من رماده كطائر فينيقٍ لا يعرف الانكسار. عراقٍ عرفتُه عن قرب، ليس كعابرة سبيل، بل كإعلامية لبنانية وجدت فيه وطنًا آخر، حين ضاق الوطن. في الوقت الذي كانت فيه الأزمات تخنق بيروت، كانت بغداد تفتح ذراعيها، كانت كربلاء تمنح الطمأنينة، وكانت النجف تهمس بحكمة التاريخ، بينما بغداد تُثبت أن الجسور لا تُبنى بالحجر فقط، بل بالمحبة التي لا تهدّها الريح.
“العراقُ نهرٌ من سخاءٍ دافقٍ
يمضي، فتُورِقُ في خطاهُ السنبلُ”
اليوم، العراق لا يرفع جسوره ليعبر عليها الناس فقط، بل ليعبر عليها الوطن نحو الغد. رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني لم يكن مجرد قائدٍ يخطط للمدن، بل مهندسًا يبني جسورًا تتجاوز الإسمنت والحجر، جسورًا من تلاحمٍ بين الطوائف، من وحدةٍ بين أبناء الرافدين، ومن امتدادٍ يصل العراق بأشقائه. لم يكتفِ بأن يُعيد رسم الخرائط على الأرض، بل أعاد رسمها في القلوب، ليكون العراق كما كان دائمًا… ميزان الشرق، وملاذ المحبة، وواحة العطاء.
“بغدادُ، كم مرّتْ عليها جائحةٌ
فنهضتْ رغمَ الطعناتِ، الأجملُ”
العراق الذي رأيته ليس عراق الأمس الذي أرادوا له أن يبقى منكسرًا، بل عراقٌ يصنع تاريخه بيديه، عراقٌ لم ينسَ جراحه، لكنه قرر أن يكون ضوءًا لا ندبة. هناك في بغداد، وجدتُ وطنًا يكتب مستقبله بقوة، بقرار، بإرادة تبني الجسور لا لتُعبر فقط، بل لتربط بين القلوب قبل المدن، بين الأوطان قبل الحدود.
“عراقُ، يا جسرًا إلى ضوءِ المدى
تمضي، ويكبرُ في خُطاكَ المُقبلُ”
الله يديم على العراق هذه النعمة، ويوفق قيادته في مسيرتها، ويبقى كما عرفناه دائمًا… بلد الخير، بلد الكرم، بلد الجسور التي لا تهدمها العواصف، بل تعبرها الأحلام نحو غدٍ أجمل.