"دماء الشهداء .. مشاعل تنير درب الأمة"
سمير السعد
في صفحات التاريخ المشرقة، تقف أسماء الشهداء عَبرةً وعِبرةً لكل من يسعى للكرامة والحرية. وكما كان الحسين عليه السلام مشعلاً للحق في كربلاء، تتجدد التضحية في زماننا، لتمتزج دماء نصر الله وهاشم صفي الدين وكوكبة شهداء المقاومة في جنوب لبنان بعطر البطولة. هؤلاء الأبطال الذين جعلوا من أرواحهم جسراً تمر عليه الأمة نحو الحرية والعزة.
إن دماء الشهداء ليست مجرد قطرات تسقط على الأرض، بل هي كلمات مكتوبة بالنور، تشهد على أن هناك رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانوا رمزاً للصمود والوفاء. نصر الله شهيد الإسلام، هاشم صفي الدين شهيد الكرامة، وكوكبة الشهداء الذين خطوا بدمائهم ملاحم العزة في جنوب لبنان، أثبتوا أن الأمة قادرة على النهوض مهما تكالبت عليها المحن.
اليوم، ونحن نعيش في ظلال هذه التضحيات، يجب أن نستلهم العِبرة من حياتهم ونتعلم من شجاعتهم. لقد آمنوا بأن المقاومة ليست مجرد سلاح يُرفع، بل فكرٌ وعقيدة وحبٌ للوطن والإسلام. علّمونا أن الكرامة لا تُشترى ولا تُوهب، بل تُنتزع بدماء الأوفياء.
وإن كان نصر الله وهاشم صفي الدين قد غابا بأجسادهما، فإن روحهما باقية تحلق فوق سماء الأمة، تذكرنا بأن النصر قد يبدو بعيداً، ولكنه يقترب مع كل تضحيات تُقدّم وكل دمعة تُذرف وكل دعاء يرتفع إلى السماء.
إن شهادتهم ليست فقط ذكرى بل هي عهدٌ علينا أن نكمل المسيرة. فلنجعل من دمائهم نوراً يرشدنا ومن ذكراهم زاداً لقلوبنا. وكما قال الحسين عليه السلام: “هيهات منا الذلة”.
هيهات أن ننحني أو نتراجع أمام الظلم والطغيان، فقد علّمنا الحسين عليه السلام، ومن بعده الشهداء، أن الكرامة تُصان بالتضحية، وأن الدماء التي تُراق في سبيل الله لا تذهب هدراً، بل تُثمر نصراً وعزة للأمة.
إن استذكار نصر الله، وهاشم صفي الدين، وسائر الشهداء ليس مجرد وقوف عند الأطلال، بل هو استحضار لروح التحدي والصمود التي زرعوها فينا. إنها رسالة لكل الأجيال القادمة أن الجنوب، بأرضه وسمائه، لا يزال يحمل حكايات البطولة التي كتبت بدماء الأحرار.
فلنكن أوفياء لهذه التضحيات العظيمة، ولنحمل شعلة النضال كما حملوها، بأيدٍ ثابتة وعزيمة لا تلين، حتى يتحقق الوعد الإلهي بالنصر والتمكين. وكما كانت كربلاء شاهدة على انتصار الدم على السيف، سيظل الجنوب شاهداً على أن الحق لا يُهزم، وأن الأمة التي تتبع نهج الشهداء لن تعرف الهزيمة أبداً.
سلامٌ على أرواحكم الطاهرة التي تفيض شموخاً وكرامة، سلامٌ على دمائكم التي روت تراب الوطن، سلامٌ على ذكراكم التي ستظل خالدة في وجدان الأمة. أنتم الأمل الذي به نحيا، والقوة التي بها نقاوم، والوعد الذي به ننتصر.
لن ننسى، ولن تذبل ذكراكم، يا من جعلتم من أجسادكم جسراً نحو الحرية، ومن دمائكم زاداً للأجيال القادمة. أنتم من أعدتم للأمة روحها، وللجنوب عزته، وللمقاومة مجدها.
إن طريق الحق الذي اخترتموه بوعي وإيمان سيظل نبراساً لكل من يرفض الذل والخنوع. لن ننكفئ على ذكرى استشهادكم، بل سنجعل منها دافعاً للثبات والتقدم. سنروي حكاياتكم لأبنائنا كي يعرفوا أن العزة تُصنع بالتضحية، وأن النصر لا يُهدى، بل يُنتزع من أنياب الطغاة.
يا نصر الله، يا هاشم صفي الدين، ويا كوكبة الأبطال
نعدكم أن نبقى أوفياء للدماء التي سالت، نحمل إرثكم في قلوبنا، ونواصل الطريق حتى يشرق فجر النصر. فأنتم الشهداء الأحياء في وجدان أمةٍ لا تعرف الانكسار. سلامٌ على أرواحكم يوم نُصرتم ويوم استشهدتم ويوم تُبعثون أحياءً في قلوب الأحرار.