كتاب واراء

مذبحة الفجر .. وصمة عار في تاريخ الإنسانية

كتبت هيام وهبي

 

أعتذر من هولاكو .. فهو طفل بريء قياساُ بما نشهده من مذابح ومجازر يرتكبها سفاح العصر وكل العصور التي مضت .. أعتذر منه لأن مذابحه كانت لأيام ٍ معدودة، ومجازر نتنياهو سرمدية بلا نهايات ..أعتذر من المغول ومن التتار ومن كل البرابرة الذين عاثوا في الأرض فساداُ ، فكل ما فعلوه لا يّقارن بما يحدث تحت سماء غزّة وعلى أرضها منذ أكثر من عشرة أشهر..فحين هاجمت هذه القبائل البربرية الممالك والدول كانوا قبائل بدائية ووثنية، لم يدّعوا المدنية ولم يرفعوا شعارات الإنسانية والعدالة والإخاء وحقوق المرأة والطفل..ولم يكن العالم قد عرف المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية ولا أبتُليَ العرب بالجامعة العربية .. كانوا بمنتهى الوضوح يؤمنون بالقوة وبالسيطرة على العالم بالسيف ..ورغم ذلك فهم أكثر إنسانية من أميركا .. أميركا المتوحشة التي تدعم هذا السفاح وترسل له السلاح المتطور بلا توقف ليزداد إجرامه وفتكه بالأبرياء واستمراره في إبادة الشعب الفلسطيني، وليتبين لنا أن كل الحديث عن وقف لإطلاق النار وتحديد مواعيد جديدة للمفاوضات ، ما هي إلاكذباً وخداعاً..فما دام الغرب يحمي هذا الكيان القذر، وأميركا تسلحه وتدعم جرائمه وتبررها .. وما دام عربان التطبيع والذُل في صمتٍ مريب والشعوب العربية نيام .. المجازر لن تتوقف ونهر الدم سيستمر في تدفقه ليُغرق العالم كله في الخزي والعار لصمته عن مجازر ومذابح وإبادة لم يشهد التاريخ البشري لها مثيلاً في تاريخ الحروب والصراعات..!!

فأشهر المذابح التي تعتبر الأفظع في تاريخ الإنسانية كانت عند سقوط بغداد بين براثن هولاكو الذي أطلق جنوده ليستبيحوا المدينة .. ولكن هذه الوحشية ونهش لحوم الناس إستمر لمدة أربعين يوماً وتوقف .. كانت له نهاية.ومن مجازر التاريخ المدوّنة بالدماء في التاريخ الإسلامي في العصر العباسي الثاني، هي المجزرة التي أنقض فيها البيزنطيين على مدينة حلب وسكانها العُزّل الأبرياء فوضعوا السيف فيهم وقتلوا وذبحوا وأسروا وسبوا وأقام قائدهم نقفور في المدينة ثمانية أيام يقتل وينهب ويسبي ويحرق المساجد والقصور ولكنها كانت أيام ثم رحل، ورحل معه الموت..!! ومذابح كثيرة ومؤلمة لا تُغتفر بتقادم الزمن مجازر كثيرة وعديدة لا مجال لتعدادها في مقالة .. تاريخ الإنسان حافل بالجرائم والقتل الوحشي ولكن لا توجد في تاريخ البشرية وصمة عار شبيهة بما يحدث في غزّة .. عشرة أشهر متواصلة من المجازر اليومية ..ذبح .. تجويع .. هدم للعمران ..قتل للبشر والشجر ..إبادة لكل ما هو حي .. لقد ضاقت الأرض بالجثامين الطاهرة للشهداء الأبرياء ولم تعد المقابر تسعهم .. وغدت السماء مترعة بالأرواح البريئة..

ويهوه لم يرتو ِ بعد من دماء غزّة .. من دماء شعب كل ذنبه أنه يقاوم لتحرير أرضه..فأين ضمير الإنسانية .. أين أنتم يا عرب .. أين نخوتكم وشهامتكم وكرامتكم التي ينتهكها هذا الكلب المسعور يومياً..مذبحة عند الفجر في المصلّى .. لنازحين من الموت .. لمصليِّن لا سلاح بأيديهم سوى كتاب الله وتمتمات على شفاههم تردد آيات بيٍّنات من القرأن الكريم ..يُذبحون على أيدي قتلة الأنبياء !!!

أين أنتم يا عرب .. تكتفون ببياناتٍ سخيفةوإدانات على الورق أمام هول ما يحدث ..!!

لعنة الله عليكم إلى يوم الدين.. والله لقد جلبتم لنا العار والخزي .. أين أسلحتكم التي تدفعون ثمنها المليارات .. أين مالكم المخزون لتذبحوا فيه العرب .. أين مواقفكم الحاسمة المؤثرة على سير المعركة.. أين دعمكم لغزّة هاشم المذبوحة أمام أعينكم ..

 

والله أنني أخجل أمام تضحياتك يا غزّة.. يا سيدة المدن .. أشعر بالذنب لأنني ما زلت أحيا وأنت تموتين كل يوم ..أخجل لأنني أكتب بالحبر وأنت تكتبين التاريخ بالدماء ..بدماءِ أبنائك الذين تخلّت عنهم الدنيا كلها .. ولم تحرك ساكناً لوقف هذا الموت اللانهائي.. .

فيا أهل غزّة أن الموت أكثر رحمة بكم .. لقد حرركم من الخذلان .. ومن النفاق ومن يأسكم ..فلكم الله .. لكم الله ..

 

هيام وهبي


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة