تقارير خاصة

التطبيع بين الضغوط الأميركية من خلال فرض العقوبات وبين إعادة الحقوق المغتصبة

 
يعرف الجميع أنّ الحركة الصهيونية ارتكبت جرائم لا تحصى بحق العرب والمسلمين واليهود، بلغت درجة الجرائم ضد الإنسانية، والمعضلة التي ينتفض الأحرار ضدها هي الجهود التي تبذلها الصهيونية وتطلب من العرب والمسلمين القبول بتلك الجرائم وأن يتم التعامل معها وكأنّها لم ترتكب أيّ جريمة، وهو ما يسمى التطبيع.

فالتطبيع، هو بناء علاقات رسمية وغير رسمية، سياسية، اقتصادية، ثقافية، علمية واستخباراتية مع الكيان الصهيوني، وهو تسليم للكيان بحقه في الأرض العربية بفلسطين، وبحقه في بناء المستوطنات وحقه في تهجير الفلسطينيين وحقه في تدمير القرى والمدن العربية، وهكذا يكون التطبيع هو الاستسلام والرضا بأبشع مراتب المذلة والهوان والتنازل عن الكرامة وعن الحقوق.
موضوع التطبيع قضيّة خطيرة في النزاع السياسيّ في العالم العربيّ اليوم، ولا سيّما في فلسطين، فيما يختصّ بالعلاقات مع دولة إسرائيل والمواقف المتَّخذة منها.

في الواقع، الوضع الراهن في فلسطين وإسرائيل بعيد جدًّا عن أن يكون وضعًا طبيعيًّا، لأنّه وضع صراع مستمرّ بين الشعبين الفلسطينيّ والإسرائيليّ، ولهذا الصراع أثر عميق في الحياة اليوميّة في كلا الجانبين.
رأت إسرائيل أن الضمان الأهم لاستمرار وجودها هو أن تكون مقبولة من قبل العرب والمسلمين كجزء لا يتجزأ من المنطقة وأن يتم التعامل معها كدولة لها الحق في الوجود والعيش بسلام وفي علاقات اعتيادية مع الآخرين كأي دولة أخرى في المنطقة.

 ولهذا عملت منذ قيامها نحو البحث عن وسائل انفراج مع العرب وإقامة علاقات غير عدائية بل واعتيادية معهم، وقد تركز جهدها على الشارع العربي، على الإنسان العربي العادي لأنه هو الباقي وليس الحاكم.

السعودية، قطر والبحرين… شعرت بعد إنجاز الاتفاق التاريخي النووي مع الغرب، أن النتائج التي تمخض عنها هذا الاتفاق لم تكن مرضية لهم، ما دفعهم إلى الارتماء في حضن "إسرائيل"، حتى توفر لهم الحماية المزعومة مما يعتبرونه تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، مخالفين بذلك قواعد العلاقات السياسية التي تدعو للتحالف مع الدول التي تتشارك معها بأكبر عدد من القواسم المشتركة، وبالتالي تكون فرص تحقيق المصالح أكبر بكثير، فالأنظمة الخليجية رأت في الكيان الإسرائيلي الحليف القوي رغم عدم توافر القواسم المشتركة اللازمة معه.

إنه التغير الذي عادة تتبعه التزامات أخرى، فلم تعد إسرائيل عدوا، وبالتالي هنالك من يطالب بفتح سفارات إسرائيلية في بعض دول العرب… كل اللعبة الجهنمية الدائرة في الوطن العربي من أجل وصلٍ بين البعض العربي وإسرائيل، بل هنالك تسابق لهذه الغاية، التي يسميها هذا البعض أمراً واقعاً لابد من الاعتراف به، ويرى فيها أنه تأخر في مد اليد للإسرائيلي.

 فالوحدة العربية تمحو وجوده، والكيان العربي الواحد يغير من شكل حكمه إذا بقي، والعروبة كلمة ممجوجة برأيه وقد غادرتنا منذ أن توفي من رفع لوائها، أما إسرائيل فتحمي برأيه أيضاً، تمنع سقوط أصدقائها، تمدهم بالعمر المديد، فيما هي كيان غير مستقر، يستمد قوته من الضعف العربي، من هذا الآخر العربي.


تابعوا الحلقة الخامسة من برنامج "القدس بين التحرير والتطبيع" مع الضيوف الأعزاء:
د. خلف المفتاح: باحث سياسي وعضو القيادة القطرية سابقاً
د. بسام أبو عبد الله: أستاذ العلوم السياسية ومدير مدرسة الإعداد الحزبي المركزية
د. أشواق عباس: عضو مجلس الشعب السوري وأستاذة في العلوم السياسية

 

 

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد