مقالات خاصة

المرأة ليست نصف المجتمع… بل عقلُهُ وروحُهُ

د. بتول عرندس 

 

وأنتِ تعدّين أيامَكِ، لا تنسي أن تضيفي يومًا لكِ… أن هذا اليوم ليس مجرد تاريخ في الروزنامة، بل لحظة تُضاف إلى عمر نضالكِ، شهادة جديدة على أنكِ لم تكوني يومًا مجرد ظل، بل كنتِ الضوء الذي يصنع الطريق.

 

اليوم هو الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، اليوم الذي لا يُضاف إلى أيام السنة بل إلى مسيرة المرأة في كل مكان، إلى خطواتها وهي تخطُّ أثرها على وجه الزمن. لا تصدّقي أن العالم يحتفل بكِ اليوم لأنهم يعترفون بقوّتكِ، بل لأنهم يدركون متأخرين أنكِ كنتِ دومًا أكثر مما حاولوا إقناعكِ به. إنهم يمنحونكِ هذا اليوم وكأنهم يعتذرون عن قرونٍ من التهميش، عن محاولاتهم إقناعكِ أن دوركِ يكتمل عند حدود الأنوثة كما يتخيّلونها، بينما الحقيقة أنكِ لم تكوني يومًا قابلة للحصر في إطار، ولم يكن الجمال يومًا قضيتكِ الأولى، بل كانت معركتكِ الأبدية أن تُقنعي هذا العالم بأنكِ عقلٌ وروحٌ وحلمٌ يمشي على قدمين.

 

لكن في غمرة هذا الاحتفال، لا تدعي أحدًا يجعلكِ تنسين أنكِ أمٌّ، وأختٌ، وزوجةٌ، وابنةٌ. لا تنخدعي بشعارات تساوي بين المرأة والرجل كما لو أن تميّزكِ لا يكتمل إلا بأن تكوني نسخةً عنهم. ليست المساواة الحقيقية في أن تمحي نفسكِ لتشغلي مساحةً ليست لكِ، بل في أن تكوني امرأةً بكل ما فيكِ من فكرٍ وعلمٍ وأخلاقٍ وعلاقةٍ مع الله، امرأةً تضع بصمتها في العالم دون أن تخسر جوهرها. القوة ليست في التخلي عن دوركِ، بل في أن تحققي ذاتكِ دون أن تنسي من تكونين.

 

كوني امرأة تصنع الحياة، لا تنتظر تصفيق العالم، بل تخلق عالمها الخاص. المرأة التي تمتلك مشروعًا لا تعيش على هامش الحياة، لا تكتفي بأن تكون مشهدًا في لوحة غيرها، بل تُمسك بالريشة لترسم تفاصيل وجودها كما تشاء. أتعرفين لماذا يخافون المرأة الحرة؟ لأنهم لا يستطيعون التحكم بها. لأنها لا تنتظر من أحد أن يمدّ لها يد النجاة، بل تغرق العالم بأفكارها، لتصبح وحدها جزيرتها الآمنة.

 

في الثامن من آذار، لا تطلبي من أحد أن يعترف بكِ، بل اجعلي حضوركِ اعترافًا لا يمكن لأحد إنكاره. فأنتِ لستِ نصف المجتمع فقط، بل نواته، عقله، روحه، وامتداده نحو المستقبل.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة