كتاب واراء

سوريا ركيزة القرار العربي

بقلم الكاتب والمحلل السياسي الإيراني :  جميل ظاهري

قرار حرمان سوريا من مقعدها في الجامعة العربية والعمل على عزلها عام 2011 بضغوط أمريكية صهيوأعرابية، كان قد ولد ميتاً منذ اللحظة الأولى وفق رؤية المراقبين للوضع الأقليمي والعربي الواقفين على الدور الريادي لدمشق في قضايا الأمة. غير أن المتخلفين عن الركب السياسي التابعين لإرادة الأسياد لم ولن يفقهوا مثل هذه الأمور إلا بعد مضي عقد كامل من الزمن ليعودوا الى حظيرة التعقل ويبدأوا المطالبة بعودة سوريا الأسد الى الحضن العربي.

مع اقترابنا لعقد القمة العربية الـ31 بتاريخ 24 كانون أول/ديسمبر المقبل في الجزائر، تتعالى الأصوات العربية بضرورة عودة سوريا الى موقعها السيادي المهمة في الجامعة العربية، خاصة من قبل تلك الأنظمة التي هرعت آنذاك الى حرمانها من حقها المشروع في هذا المجال؛ حيث أوضح وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إن سوريا هي موضوع أساسي في تحضيرات القمة العربية المقبلة، وإن جلوسها على مقعدها في الجامعة العربية سيكون خطوة متقدمة في عملية لم الشمل العربي.
حوالي مائة شخصية عربية وأوروبية وجهت رسائل الى الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وغيرهم من القادة الأوروبيين مطالبة برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن الشعب السوري وضرورة مساعدته في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية التي تهدد بإطلاق موجة جديدة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وخارجه من خلال تنفيذ توصية المقررة الخاصة للأمم المتحدة ألينا دوهان”.

مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية نقلت في مقال لها عن مصادر أمريكية قولها أن واشنطن باتت مقتنعة بوجهة النظر القائلة بضرورة التعامل مع دمشق، وإن واشنطن تخلت عن رغبتها في عزل الرئيس السوري بشار الأسد، وتغض النظر عن تجاهل دول عربية لعقوبات “قانون قيصر” خلال تقاربها مع الحكومة السورية. ما يدلل على فشل سياستها تجاه عزل سوريا حكومة وشعباً وقيادة عن محيطه العربي.

“روبرت فورد” آخر سفير أمريكي لدى دمشق (2011-2014) كررها مراراً من إن السياسة الأمريكية تجاه سوريا فشلت فشلاً ذريعا، والدور القيادي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تلقى جروحا كثيرة، وتضاءلت مصداقيتها.. رغم نجاحها في دفع بعض الأنظمة الخليجية نحو التطبيع مع “اسرائيل” وتقوم اليوم بفتح سفارات لها في القدس المحتلة وفي الطليعة الإمارات والبحرين.

يضيف فورد “لقد كنا نتوقع أن تقدم دمشق على صفقة حل تفاوضي مع بداية العام 2013، وأن الرئيس الأسد سيغادر سوريا وسيكون النصر لحلفائنا في المعارضة المسلحة التي تدعمها السعودية والإمارات وقطر بشكل كبير وسيكون هناك حكومة إئتلافية كما خططنا لها (في اشارة منه الى الثقل الكبير الذي وضعته الحرب الكونية على كاهلها سوريا حكومة وشعباً وقيادة)، مشيراً الى إن ما حدث هو العكس تماما، “لأننا أمريكا لم نتوقع أن تتدخل ايران وحلفائها، حتى حصلت معركة القصير ودخل حزب الله بشكل كبير وغير دينامية الحرب، وبدأ الإيرانيون في التدخل أكثر، والعراقيون والأفغان يأتون الى سوريا”.

عشرة أعوام عجاف مقيتة مميتة مرت على الشعب السوري الصامد والأبي في ظل حرب ظالمة ضروس شاركت فيها 83 دولة ولا تزال قائمة حتى لحظة كتابة هذه السطور، استطاعت فيها دمشق من تحقيق إنجازات وانتصارات أبهرت المراقبين العسكريين والاقتصاديين رغم الحظر الظالم، والتي ما كان بالإمكان من تحقيقها لولا ستراتيجية المقاومة والصمود والوعي ووحدة الصف والصبر الذي امتازت به سوريا حكومة وشعباً وقيادة وجيشاً ودعم الحلفاء الشرفاء، ما دفع اليوم بالذين رفعوا أصواتهم ضدها الى التماسها لعودة العلاقات واستعادة مكانتها العربية والاقليمية.

وختاماً، لقد اختلطت أوراق العالم العربي كثيرا وباتت الأمور أكثر تعقيداً وتوتراً بين غالبية دوله بفقدان العقل والحنكة من الغالبية الصبيانية الطائشة التي يستقوي بالأجنبي ليستحلبها، فبات من الضروري العودة الى السياسة الحكيمة لرأب الصدع القائم وإنهاء الأزمات العاصفة به.

المصدر :سيريا سكوب


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد