مقالات خاصة

مولد الرحمة المُهداه محمد وصاحب الخُلق العظيم

بقلم :أحمد عبدالله الرازحي

سنون تذهب لتأتي من جديد مُشرقة بنور شمسها الدافئة التي تيقظُّ فينا روح الولاء وتشعشع بضياءها أفئدة ليّنة حتى تنبض قلوب ذوي الرقة بنبضات لبيك يا رسول الله ، انها شمس الربيع المحمدي،

تتلعثم حروف الضّاد وتضيعُ الكلماتُ في ذكرِ من رفع الله لهُ ذكره ويقف اليراع عاجزا في وصّف من أودع الله فيهُ كلّ حُلل الجمال وفضلهُ خُلقاً وإخلاقاً ، وأصطّفاه مُبلغ لدينه وقائد لرجاله وخاتم لما جاءت به الرسائل النبّوية.
رسول الأمة ومبلغ الرسالة منقذ البشرية من الجاهلية مُخرجها من الظلمات إلى النور ومن مهانة السلاطين إلى كرامة الإسلام العظيم.

يُطل علينا مولد النور والهدى المولد الذي أضمحل فيه الكفر والشقاء  يُطل علينا الثاني عشر من ربيع الأوّل والذي ولد فيه  سيّد الكائنات وسيد البشرية جمعا مولد رسول الرحمة محمد صلى الله عليه واله وسلم ، وهذه المناسبة تعتبر مناسبة عظيمة بعظمة صاحبها وفرصة جوهرية لنا لدراسة  صفاته وسيرته فشمائل المصطفى والعمل بها متعة روحية وعقلية وبها  يُفتح القلب وينتعش الروح ويٌنور الفؤاد، واظهار محاسنه والتحدث بصفات كماله وسمات جماله والثناء عليه في هذه المناسبة العظيمة.

لذا وبلا شك تُعتبر القراءة والكتابة عنه صلى الله عليه واله وسلم من أفضل الطرق التي  تعرفنا عليه أكثروعمل تهنأ به النفس البشرية وينشرح له الصدر ويتفتح معه القلب ويبصر النور والهدى و في ظل الكتابة عنه صلى الله علية واله وسلم
تستريح الخواطر وتتسع رحابة الصدر والبصائروتقترب القلوب وتزداد ألفه ورحمة وراحة نفسية لاتصفها الكلمات.

فرسولنا الكريم محمد رسول الله كان ولا زال هو النبع الصافي والري الذي يشفي والهدي الذي يكفي وأما سيرته العظيمة فنحدث ولا حرج فهي السيرة العطرة ومعين متدفق لاينضب ولا ينقطع أو يجف مداده. 
وهو صلى الله عليه واله وسلم أسمى مثال الإنسانية وجسدها في ابهاء صورها الكاملة وهو ملتقى الاخلاق الفاضلة والحسنة وصاحب السمات العليا
وحامل لواء الاسلام والدعوة العالمية والشاملة في الزمن الذي أوشك العالم على الانتهاء والانهيار في المبادئ والقيم والتيه والظلمات لا عجب فإن انسانيته قد ولدت معه ولست مكتسبة  ولازمته في اطوار حياته  بل وميزته عن غيرة فصانته من كل زلل وحمته من كل شطط ودفعته دائما الى فعل الخير والسمو والرفعة في كل حياته .
فكان صلوات الله عليه وآله وسلم يُعتبر النبتة الرطبة بين القلوب القاسية والطباع الغليظه والعواطف التي قد جفت وتأثرت بكل ظروف الحياة.
 فهو الصادق الأمين وعذب الحس وسامي في سلوكه وعالي في 
إنسانيته.

لاشك انه صاحب الاخلاق العالية والنفس الزاكية فإخلاقة كانت مستمدة من الله وهو من أصطفاه وجعله بشرا سويا وخلقا رضيا  وصاحب الخلق القراني وهل القران الاكتاب الله فأفصح أيضا هو بالعبارة الشهيرة التي لخصت الهدف من رسالته والغاية من دعوته و التي قالها صلى الله عليه واله وسلم عندما قال إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق وتممها بحق  فكان العظيم وصاحب الخلق العظيم ودلل على ذلك كتاب الله عندما قال فيه "وانك لعلى خلق عظيم" صدق الله العظيم.. 

فكان ولازال عظيم لأنه قدوة المقتدين في الفضائل والمكارم والمناقب التي يتمناها المخلصون لجميع الناس، فهنا العظمة لابد أن توتى حقها وهو لازم في كل الازمنه وبين كل قبيل فهو في زماننا وزمان من سبقونا في الإسلام لازم منه من أي أزمنة أخرى لهذا السبب:
لأن العالم أصبح أحوج مايكون لمنقذ للبشرية ومرشد وقدوة ومُربي لكل الشعوب فلاشك  أنه أصبح أعظم من عرفهم التاريخ بل وأسنى صفوة الخالدين هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم،
 فالرسالة الإلهية أنزلت لأنسان عظيم وجعلت منه العظيم في كل شيء فهو عظيم عند الله سبحانه وتعالى وعظيم في ميزان الدين والعلم وعظيم بين الخلائق كلها، ولأنه أعظم من عرفتهم المعمورة على مر التاريخ
 وأيضاً لما قام به وأستطاع نقل قومه من الإيمان والتعبد للاصنام إلى الإيمان بالله وحدة لاشريك له والتعبد لله خالق الكون الذي لاخالق سواه، وأستطاع صلى الله عليه وآله وسلم نقل العالم كله من حالة التخبط والفوضى والخراب إلى حالة البنى والنظام والنور، ومن السبات والجمود إلى الحركة والعمل،ومن المهانة والدنو إلى الكرامة والعلو ،
وهذا أيضاً ما انفرد به محمد صلى الله عليه وآله وسلم والذي لم يستطع أحد لا قبله ولا بعده أن ينقل العالم هذه النقلة العظيمة، لهذا هو العظيم وأعماله ص وآله كافيه لجعله يتبوء المكان الأعلى والأسنى من التعظيم والتبجيل والاتباع له والثناء عليه بل ويجعله صاحب المكان السامي والرفيع من بين صفوة الأخيار والخالدين صلوات الله عليه وآله وسلم...

أهمية الإقتداء بالرسول في كل منهاج الحياة 

تفتقر الأمة الإسلامية إلى الكثير من صفاته ومميزاته صلوات الله عليه وآله وسلم، لهذا عاشت الأمة اليوم واقع البعُد والتفرقة والشتات والتنافر في ظل توحد وتكالب أعداءها عليها من كل حدب وصوب، ويزداد ويكثر العلماء والمهرجون بإسم الإسلام والمسلمين والقليل منهم الصادقون والذين يسعون لإصلاح الأمة والأرتقى بوضعها المزري هُم صفوة الأخيار من الأمة وهُم من يرجع نسبهم للرسول صلوات الله عليه وآل بيته الاطهار، أصبح الوضع الجمعي للشعوب يفقتد للعدل والمساواة والاخاء والتعاون والعطف على المستضعفين والمساكين ويفتقر للمبادئ والقيم السامقة والعليا الذي أرادها الرسول للمسلمين ولكنها قد أنقرضت الكثير منها وإن لم نقل كلها الا من رحم الله، ولنتذكر بعض مواقفه صلى الله عليه وآله وسلم التي تُعبر عن عظمة الرسول القائد المُربي والأسوة الحسنة فكان سيد قومه ولكنه لم يأنف من خدمة نفسه والمسلمين وكان يعمل بأيديهم فكان يحلب شاته ويصلح الحليب ويخدم نفسه ويعلف ناضحه اي البعير الذي يستقي عليه الماء، فإذا رأى الخدم لهم عملا في البيت يماثل عمل سيدهم ومالك أمرهم، فتلك هي المساواة التي تمسح ضمير الخدمة وتجبر كسرها، ولاتقتصر أيضاً على العطف والرحمة. 

فكان عمل الخادم عنده صلوات الله عليه وآله وسلم كعمل التلميذ الذي يجلس إلى قدمي استاذه ويقف حبا لا خنوع وتوقيرا لا مذلة، وأدب يفرضهُ على نفسه وليس بضريبة مكتوبة يفرضها عليه العرف والتأديب، وهنا قد يصح لنا ان نقول ان حصة "النبي "صلوات الله عليه وآله وسلم من خدمة نفسه أعظم من حصة خدمهُ لهُ، وأن تعويلهم عليه كان أكبر من تعويله عليهم، وقد ذكر الأديب الشهير عباس العقاد في كتابة عبقرية محمد انه جعل الخدمة على سنته ضربآ من توزيع الأعمال، او ضرباً من تعاون أبناء البيت الواحد فيما يستطيعه كل منهم من تدبيره وقضاء شئونه:" انما انا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد". 

هذه كلمة السيد بامامته،  السيد بنسبه، السيد بسلطانه، السيد بالتفاف القلوب حوله، السيد بسيادته على سره وعلانيته ورأيه وهواه، ولو عمت هذه السيادة لبطل الاستعباد وأنتهت كل ضروب العبودية، ولأصبح تفاوت الدرجات كتفاوت الأعمار شيئاً لا غضاضة فيه على صغير ولا تكبر فيه لكبير،  إنما هو تقسيم أعمال، وتعاون بين إخوان وان لم يكون تعاون بين أمثال..

فكم نحتاج لصفاته ومأثره ومناقبه صلوات الله عليه وآله وسلم في حياتنا كلها ولن تستقيم الحياة ونرى النور إلا بالعودة الصادقة والجادة لخير البشرية ومخلصها من الظلمات والجور، ونحنُ حريصون كل الحرص على التمسك بما جاء به خاتم الرسل صلوات الله عليه وآله ، كما نحرص على تجسيدالإقتداء صورة ومنهج ،سلوك وأثر، قولاً وفعل ، ونتأسى بشخصية رسولنا الأعظم لنقتفي أثره ونسير على نهجه سالكين طريق الحق صادحين به.

ومن واقع المسؤولية الدينية نحييّ يوم الثاني عشر من ربيع الأول تلبية لقول الله تعالى (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)؛وأيضاً قالى تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ).صدق الله العظيم 

 فأحتياجنا لهذه المناسبة، كأحتياجنا للزاد الذي نعتق به أنفسنا كما هي الشعائر المحمدية ،تروي  القلوب من معين الولاء لتزداد إيمانا   تواقة الى إستقبال المولد بنبض العزيمة و مشاعر الفرح التي 
ترسم  البهجة بريشة لبيك يارسو الله في أجمل لوحة يطلق عليها ب _ميلاد النور _ميلاد أعظم قائد عرفهُ التاريخ وعرفهُ الإنسان.
وهنا يجب أن يعلم العالم كله من أقصاه إلى  أدناه أن هذه الأمه لن تركع ولن تُهزم لأن قائدها وقدوتها ومُرشدها هو "محمد" صلوات الله عليه وآله وسلم...


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد