مقالات خاصة

لعبة الأمم وتقاسم النفوذ والمصالح

كتب د . سليم الخراط أمين عام الحزب الوطني الديموقراطي


من يحكم العالم .. وكيف يتم اختيار الانظمة وأشخاصها .. وكيف تخدم هذه الأنظمة مصالح من يحكم العالم في الخفاء ، تحت مسمى الحكومة الخفية او اليد الخفية او الشبح .


فنحن نرى اليوم سياسة البلطجة والعهر على المكشوف ، ومسميات متعددة ، من ثورة خلاقة الى العالم الجديد ، الى الشرق الأوسط الجديد ،والتي بدأت تستفحل مع كامب ديفيد وسياسة الخطوة خطوة للصهيوني الأميركي هنري كيسنجر ، وسقوط الأنظمة العربية وفي طليعتها مصر خضعت وساومت على انظمتها ، والتي ارتضت دورها في قيادة الرجعية العربية ، واخر ما تم طرحه وفرضه عالميا قانون قيصر ..؟


حرب باردة بين اقطاب تحكم العالم ، وأقطاب صاعدة متوجهة نحو إثبات وجودها ومطالبتها بحصة من المصالح العالمية ، إعدادا لخارطة يالطا جديدة في تقاسم النفوذ والمصالح ، تدفعنا لنعيش الصراعات المحدودة الجغرافيا والديمغرافيا والمتعددة الاماكن عالميا ومركزها يعود من جديد ألى الشرق الاوسط .


اليوم نحن وأبناء الوطن بالعالم وفي الولايات المتحدة الأميركية تحديدا وجميعا نتذكر ، كيف بدأ بالحصار الأمريكي ، وهو الحصار الاقتصادي والتجاري الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية على كوبا في 19 أكتوبر 1960 بعد سنتين من قيام الثورة الكوبية كنظام عالمي جديد ، يولد خارج مخططات وسياسات استراتيجية حكومة العالم الخفية ، حيث يعتبر أطول حصار في التاريخ الحديث ، والذي ما مازال حتى تاريخ اليوم ، ولم يسقط نظام الدولة الكوبية في مواجهة أعتى الحصارات العالمية لامبراطورية الامبريالية العالمية الولايات المتحدة الأميركية ، وهي المقر الجديد منذ منتصف القرن التاسع عشر لحكومة الظل الخفية التي تحكم العالم وتحكم ماله واقتصادياته واستثماراته عبر مؤسساته الماسونية المتعددة ، والتي فرضت منطق الدولار وحتمية التعامل به كعملة اولى ووحيدة للتداول التجاري والاقتصادي عالميا ، يتداوله الجميع في أعمالهم وصفقاتهم .
وهنا نتذكر العراق في نهايات التسعينات ..!! وحتى بدايات هذا القرن..؟ واتفاق (النفط مقابل الدواء والغذاء) .


في وقت ، كل ما اسمه دواء وغذاء مستثنى من العقوبات بالنسبة لنا نحن السوريين ضمن العقوبات المفروضة علينا ..!!.
وقانون تطبيقه سيكون فاضحا للعبة شبح حكومة العالم المكشوفة ، والهدف تغيير الحكومة السورية وضبط وتعديل سلوك النظام السوري برمته ليس اكثر ..!! والمخطط مرسوما وممنهج لأن يكون منفذا لما بعد انتخابات مجلس الشعب ، يتوازى معه بعض التصحيح الاقتصادي المالي المطلوب الذي سيتم ادخاله والزامه بنا ، حينها وكما هو مطلوب من الحاكم بامره ، حكومة الظل للعالم المطلوب تحقيقه فرضا من سياسات المصالح ، المطلوب تحقيقها لحكومة انظمة العالم في سورية تحديدا ، ونحن نتوجه نحو العام 2021 وما بعده موعد مع القادم المجهول‎ .


التاريخ يؤكد ان سورية تعرضت للعقوبات منذ 1979، لكن قانون قيصر هو الأخطر ، لانه يريد فرض سياسات حكومة الظل العالمية التي تعطلت في بعض جوانبها ، من نظام لم ينضبط ولم يلتزم بما هو مرسوم في السياسة العالمية لتحقيق مصالحها ، نظام عنيد ويعاند كل المخططات والاستراتيجيات لحكومة الظل ، حكومة الأقطاب المتنفذه عالميا في تقاسم النفوذ بين بعضها البعض ، والتي تفرض سياسات تحمي مصالحها ..؟.


لذلك تسعى ومن خلال حصارها وعبر تطبيقها للضغوط السياسية والعسكرية المستمرة ، والحشود والتهديد المستمر بالتقسيم وسرقة ثروات البلادوالأوطان ، وضرب البنى المجتمعية وفرض سياسة التقسيم الديمغرافي والجغرافي .. ، لرسم معالم خطوات نحو تحقيق إمكانية التفاوض المشروط لمدة خمس سنوات ، ليس فقط على سورية بل على سورية وحلفائها العسكريين (روسيا وإيران) ، وحلفائها الماليين في المستقبل .

السبب المباشر أن الولايات المتحدة تنظر إلى سورية على أنها تهديد للأمن القومي الأميركي ، الذي يهدد استراتيجية حكومته الخفية التي تتحكم بأنظمة العالم ومصائرها كلها إن لم يكن معظمها ، ولكن لابد من استثناء قد يصنع المفاجآت الغير متوقعة كصدف تمت في تاريخ البشرية ، مثالها في التحولات الأيديولوجية ، ثورة العبيد ” سبارتكوس ” و”الثورة الاسلامية” في إيران ، التي لم تكن في حساب مخططات استراتيحيات حكومة العالم الخفية .


فقد تم طرح مشروع قانون قيصر 5 مرات على الكونغرس الأميركي آخرها في 8 كانون الثاني 2019 حيث تم تمريره كمواد ضمن مشروع قانون تعزيز أمن الولايات المتحدة في خلق الشرق الأوسط الجديد ، لكن خطورة القانون إلى جانب مواده ، يوجد قسم خاص باتفاقية الدفاع الأميركية – الأردنية ، ومواد آخر تتعلق بأمن إسرائيل ، لذلك مؤخراً صدر قانون قيصر كمواد ضمن قانون الدفاع الوطني الأميركي .

هدف الولايات المتحدة تحت شتى الذرائع المدسوسة سياسيا هو تقسيم سورية اولا ، وضمان وحماية أمن إسرائيل ثانيا ، والحجة المعتمدة ..!! ضبط وتعديل سلوك النظام المتمرد .


إن ما سبق يعد منهج ويشكل تهديد حقيقي للاقتصاد السوري ، لكن مع معطيات الواقع الراهن من انفلات وفوضى الأسواق وعدم القدرة على ضبط سلوك الأفراد من التجار وبعض رجالات المال ، وفي غياب واضح لسياسات وإجراءات حكومية عاقلة وغير متخبطة ، والتأخر المستمر في التفكير لاتخاذ القرار ، يصبح الوضع أخطر مما نتصور والحل لن يكون الا وطنيا وتشاركيا في مواجهة هذا الإعصار ، المتمثل بالحصار الاقتصادي الجائر ، في وقت نحتاج فيه اليوم آلية تقوم على إدارة الموارد النادرة ، وفقاً للأولويات والحاجات المطلوبة اسعافياً.


لذلك في ظل ما سبق من التحليل والربط ، نجد انه لا بد من التشاركية الوطنية ، على كل الاصعدة ، سياسيا واقتصاديا ومؤسساتيا امنية لتكامل وطني ، يقف في وجه الاعصار الذي يحاول ان يلتف حولنا ويرفعنا ليضربنا الضرب الصارخ ، الوطن اليوم تكامل وطني ، تكامل في النسيج المجتمعي ، تكامل في كل الطوائف والملل والاثنيات ، الوطن هوية شعب وارض ، الوطن ينادي الجميع ، الوطن لا يقصي احدا فالوطن للجميع ، وعلى الجميع الحوار والتكامل فلا بعيد ولا قريب ، كل الاحزاب واجبها اليوم الحوار بين بعضها البعض ، وحماية بعضها البعض عبر ما تمثله من المجتمع السورية بنسيجه المتكامل ، مهمة الجميع التقارب والحوار والتكامل بالرؤية الوطنية ، بعيدا عن الانا والنرجسيات القاتلة ، بعيدا عن الخناق لرقابنا حتى لا نسقط في متاهة العبودية لحاكم العالم ، حكومة الظل ، ونصبح عبيدا لتنفيذ مصالحها ، وحتى لا نقول اعذر من أنذر ، ونصبح بيدقا على شطرنج لعبة الأمم ومصالحها .


لذا عندما نقرأ مقدمة القانون التي تنص «إن سياسة الولايات المتحدة هي استخدام الوسائل الاقتصادية الدبلوماسية والقسرية لإجبار الحكومات في العالم والحكومة السورية تحديدا المستهدفة على التعايش السلمي مع جيرانها» ، فمن يقصد بالجيران هل يقصد العرب ..؟.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد