عربي

بين صد ورد.. العراق يلوح بتدويل القضية وأنقرة تصر على “مخلب النمر”

في الوقت الذي تستمر فيه تركيا تجاهل العراق ومطالبه أمام مجلس الأمن جراء الاعتداءات المتكررة على المناطق الحدودية شمال البلاد، تتحدث لجنة الأمن والدفاع النيابية عن إيجاد حل سياسي كفيل بإنهاء الأزمة مع أنقرة عن طريق إرسال وفد للتفاهم بين البلدين، فيما حمل مراقبون ضعف الموقف العراقي مسؤولية التمادي التركي.

 

تمادي أنقرة يسيء للسلم الإقليمي

الاستنكار والشجب لهذه الاعتداءات المتكررة هو حليف الحكومة العراقية مؤخراً، حيث طالبت أنقرة بالوقف الفوري لهذه الأعمال التي تسيء للسلم الإقليمي.
وقالت الحكومة في بيان، إن “القوات التركية تقوم منذ مدة باعتداءات متكررة تجاه الأراضي العراقية، نرفض وندين بشدة هذه الأعمال التي تسيء للعلاقات الوثيقة، الراسخة وطويلة الأمد بين الشعبين الصديقين”، مشيرةً إلى أنها “سلّمت سفير الجمهورية التركية في بغداد رسالتي احتجاج رسميتين، شديدتي اللهجة”، وأكدت أنها “ستلجأ ضمن إطار القانون والمواثيق الدولية لتثبيت حق العراق في رفض هذه الاعتداءات ووقفها”.

https://i0.wp.com/news.alnaeem.tv/wp-content/uploads/2020/07/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7.jpg?resize=768%2C433&ssl=1
التبرير التركي

الرد التركي جاء بصيغة الدفاع عن النفس، حسبما أعلنت وزارة الخارجية أنها “ستدافع عن نفسها ضد أي نشاط تخريبي ينطلق من الأراضي العراقية”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أكسوي، إنه “سبق وأن أجبنا على المواقع العراقية بخصوص عمليتي مخلب النسر ومخلب النمر اللتين تستهدفان منظمة حزب العمال الكوردستاني الإرهابية الملطخة أياديها بالدماء، وتتخذ من العراق معقلاً لها، لكننا وجدنا مؤخراً بيانات جديدة لا أساس لها تنشر في المواقع العراقية”.
وأضاف أكسوي، “مرة أخرى نذكّر بأننا مستعدون للتعاون والتصدي المشترك لحزب العمال الكوردستاني، الذي يعرض أمن العراق للخطر وينتهك سيادته”.

https://i2.wp.com/news.alnaeem.tv/wp-content/uploads/2020/07/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-1.jpg?resize=768%2C484&ssl=1

إدانات عربية واسعة

من جانبها أعربت مصر عن رفضها للانتهاكات التركية المستمرة للسيادة العراقية، واتهمت أنقرة بالتستر في “دعاوى الأمن القومي الواهية”.
و قالت الخارجية المصرية في بيان إن “استمرار النهج التركي سيقوض الأمن والسلم الإقليميين”، ودعا الجميع إلى احترام السيادة العراقية.
وشدد البيان، “على رفض مصر التام لأي تدخلات تمس سيادة أي من الدول العربية الشقيقة، أخذا في الاعتبار تبعات تلك الأفعال في تعميق حالة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة”.
ويأتي ذلك البيان المصري في أعقاب بيانات مماثلة للسعودية والإمارات تدين الانتهاكات التركية على العراق، وتؤكد وقوفها إلى جانب بغداد في ما تتخذه من إجراءات لحفظ “سيادتها وأمنها واستقرارها”.

https://i0.wp.com/news.alnaeem.tv/wp-content/uploads/2020/07/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-3.jpg?resize=768%2C433&ssl=1

ضعف الموقف العراقي شجع تركيا

وعلى الرغم من استنكار الحكومة العراقية المتكرر لعمليات أنقرة العسكرية والإدانات العربية، إلا أن تركيا تصر على موقفها من خلال استمرار عملياتها شمال العراق، في حين يرى مراقبون أنها تستغل الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية السيئة للعراق.
المحلل السياسي عبدالكريم الوزان قال: إن “الانتهاكات التركية تحدث في وقت يمر فيه العراق بأزمات سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية، وفي وقت مرشح فيه العراق لأن يصبح ساحة حرب بالنيابة بين أمريكا وإيران، مما تسبب في عدم الاستقرار، بالإضافة إلى استغلال جيوب داعش”.
وأشار الوزان، إلى “أن العملية التركية تعكس ضعف الدبلوماسية والموقف العراقي والسيادة العراقية التي شجعت تركيا وغيرها على انتهاك سيادة الدولة العراقية، مما يسهم في تأزم الوضع العراقي وزيادة المشاكل الأمنية مثل استغلال داعش، والانفلات الذي يحدث بين القائمين على العملية السياسية”.
وأكد المحلل السياسي العراقي، أن “الاعتداءات التركية على العراق لن تتوقف إلا بوجود حكومة قوية وبرلمان قوي قادر على تلبية مطالب الشعب العراقي وتمثيله بشكل دبلوماسي ودولي صحيح”.

https://i0.wp.com/news.alnaeem.tv/wp-content/uploads/2020/07/e21b341f-d55f-41d8-82d5-561bdcf32604_16x9_1200x676.jpeg?resize=768%2C431&ssl=1

توحيد الموقف تجاه الخروقات

أما المحلل السياسي العراقي، باسل الكاظمي، قال إن الموقف الرسمي العراقي تجاه الاعتداءات الإيرانية والتركية على أراضيه هو موقف “مُخجل”، وليس بالمستوى المطلوب، مشيراً إلى أن هناك كيل بمكيالين، إذ يختلف الرد على الجانب التركي عن نظيره مع الجانب الإيراني.
وأضاف الكاظمي، أنه “على القوى السياسية إذا كان لديها موقف واضح، كما كان لديها تجاه الخروقات الأمريكية، من انتهاك السيادة العراقية من قبل الأتراك والإيرانيين، خاصة أن الخروقات التركية للسيادة العراقية ليست بجديدة دون تحريك ساكن من القوى السياسية التي لا تتقف على مسافة واحدة مع جميع البلدان”.
وأكد المحلل السياسي، أن جميع المؤشرات تدل على أن عناصر حزب العمال الكردستاني المتواجد في شمال العراق لا يمثلوا مشكلة لتركيا، إنما هذ ذريعة لتبرير تدخلاتها داخل العمق العراقي، إذ توجد أطماع لتركيا في العراق، حيث ترى أن الأرضية مهيأة كون القوى السياسية منشغلة بالصراعات والخلافات حول المناصب والمسميات”.

الهجوم الأخير “مخلب النمر”

وكانت تركيا قد بدأت عملية جوية جديدة باسم “مخلب النمر” ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، مشيرةً إلى أنها تستهدف مسلحي جماعة حزب العمال الكردستاني، التي تتهمها بالإرهاب.
وقالت وزارة الدفاع التركية، “من أجل تحييد حزب العمال الكردستاني والعناص الإرهابية الأخرى التي تهدد شعبنا وحدودنا، فإنّ قواتنا الجوية مرفقة بمعدات مكافحة الحرائق والمروحيات وقوات الكوماندوز، وبدعم من طائرات مسلحة وغير مسلحة، تحركت نحو المنطقة بعمليات جوية”.
وهذه ثاني عملية من نوعها تشنّها تركيا ضد حزب العمال الكردستاني خلال الأيام القليلة الماضية، فمنذ فترة وجيزة أعلنت تركيا عن عملية، أطلق عليها اسم “المخلب-النسر”، ضربت أهدافاً لحزب العمال الكردستاني في مناطق مختلفة بشمال العراق.

كيف نشأ حزب العمال الكردستاني؟

حزب العمال الكردستاني (PKK، بالكردية: پارتی كرێكارانی كوردستان أو partiya karkerên Kurdistan) جماعة مسلحة كردية يسارية نشأت في السبعينات في منطقة ذات غالبية كردية في جنوب شرق تركيا كحركة انفصالية بمزيج فكري بين القومية الكردية والثورية الاشتراكية تسعى لإقامة دولة “كردستان” كردية ماركسية لينينية، وفي مطلع الثمانينيات دخلت بشكل صريح في صراع مسلح مع الدولة التركية بغية نيل حقوق ثقافية وسياسية وتقرير المصير لأكراد تركيا. استمرت المواجهة حتى نهاية التسعينات، حيث قبضت تركيا على زعيم الحزب عبدالله أوجلان وسجنته ودخل الحزب مرحلة جديدة من التنظيم.

مروة الربيع

المصدر :النعيم نيوز


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد