مقالات خاصة

أردوغان والخليفة الحمار بقلم بهجت العبيدي كتاب ومحلل مصري مقيم بالنمسا

منذ الأيام الأولى للأزمة السورية، والتي حاولت الآلة الإعلامية لجماعة الإخوان الإرهابية، أن تصورها، ثورة شعب يطالب بالتحرر من براثن نظام ديكتاتوري، كنت على يقين من قدرة نظام الرئيس الأسد على الصمود، بل والانتصار، ولنا في ذلك مقالات مختلفة. فالناظر للأزمة السورية، منذ بدايتها، بعدما يزيل عن عينيه تلك الغشاوة التي عمل تكريسها الإعلام: العربي منه والعالمي، يدرك بما لا يدع مجالا للشك أنها مؤامرة إقليمية ودولية، وهذا ما فطن له نظام الرئيس بشار الأسد مبكرا، تلك الفطنة التي ما لبثت أن أصبحت السمة الغالبة لدى أبناء الشعب السوري الذي لديه من الخبرات المتجذرة في أعماق التاريخ، ما يستطيع من خلالها أن يفرّق بين الغث والسمين، وأن يُمايِز بين من يريد له المصلحة، وبين من يريد لوطنه الخراب والدمار، ذلك الذي جعل الغالبية العظمى من أبناء الشعب السوري، والتي هي غير مؤدلجة، والتي لا يعنيها سوى مصلحة الوطن، تظل ملتفة حول قيادتها في معركتها الوجودية. بعدما أيقنت أطراف المؤامرة على العربية السورية فشل مخططها بتثوير فئات، بل الأحرى، فئة من الشعب، تنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية، كانت الخطة "ب" البديلة جاهزة، وهي ترويع وإرهاب الشعب السوري، من خلال خوض معركة، ليس مع نظام الرئيس الأسد، بل ضد الشعب السوري، عقابا على التصاقه بقيادته، وهو ما عرّى أطراف المؤامرة على الدولة السورية، والتي تمثلت في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن يدورون في فلكها، من قوى إقليمية، وعلى رأسها تركيا الأردوغانية، وكذلك جماعة الإخوان الإرهابية، فضلا عن الممول القطري. ولأن المؤامرة على المنطقة وفي القلب منها مصر وسوريا تم التخطيط لها في ليل بهيم، كان انكشاف أطراف هذه المؤامرة على سوريا حاسماً في ازدياد تلك القطاعات في العالم العربي التي استطاعت أن تزيل عن أعينها الغشاوة، وكان للمؤتمر الذي أقمناه في أحد الفنادق الشهيرة بالعاصمة المصرية القاهرة، في العام ٢٠١٣، والذي نقلته عشرات القنوات الفضائية الهواء مباشرة، والذي كان تحت شعار: الأمة العربية ضد العدوان الأمريكي على سوريا، كان لهذا المؤتمر دور كبير في تراجع الإدارة الأمريكية الإرهابية بقيادة أوباما عن التهديد بضربة عسكرية للعربية السورية، كما كان لهذا المؤتمر دور في زيادة مساحة تلك الفئات المبصرة لحقيقة الأزمة السورية في عالمنا العربي.

تلك المساحة التي أخذت في الاتساع، بعدما مرت تحت الجسور مياهٌ كثيرة، أدركت من خلالها الغالبية العظمى من أبناء الشعوب العربية، ومن أنظمتها كذلك، بل ومن الأنظمة الغربية، أن المخطط الأمريكي بتمكين جماعة الإخوان الإرهابية من سوريا والمنطقة قد باء بفشل ذريع، أدرك كل العقلاء ذلك، فأخذت الشعوب تعلن دعمها لنظام الرئيس بشار الأسد، لإيمانها بدفاعه عن أرضه وشعبه، ولإيمانها بأن الجيش العربي السوري والشعب السوري يحاربان جماعات إرهابية حقيرة، تعمل تحت إمرة زعيم الإرهاب في المنطقة والعالم "الإخواني" رجب غير الطيب أردوغان، الذي، ربما يكون الرئيس الوحيد في العالم، لم يدرك حتى اللحظة أن المشروع الإخواني الصهيو أمريكي في المنطقة قد فشل وذهب أدراج الرياح، وأنه لا عودة لإحيائه؛ فمن كان في النزع لا يرجع!. إنه والحال كذلك، وجدنا المدعو أردوغان يتخبط في كافة الملفات، فوجدناه يحاصر نفسه أوروبياً، بعدما عمد على ابتزاز القارة العجوز بملف اللاجئين، وهو ما فطن له الأوربيون، فلم يعودوا يلقون له بالا، ولم يعد التلويح بورقة اللاجئين ترعبهم، بالإضافة لقناعة أوربية بأن قطاعا كبيرا من هؤلاء اللاجئين هم إرهابيون يدينون بالولاء للخليفة المزعوم أردوغان، ومن ثم تنتفي عنهم صفة طالب اللجوء للأسباب المتعارف عليها.

أما الحصار الأكثر ضيقا فيمثله المحور المصري اليوناني القبرصي الذي أحكم قبضته، من خلال ترسيم الحدود البحرية، على أطماع الخليفة الإخواني المزعوم، فتم عزله، وإخراجه من معادلة غاز المتوسط، فحاول الالتفاف على هذا الإخراج بإبرام معاهدة مع نظير إخواني إرهابي في ليبيا هو فايز السراج، تلك المعاهدة التي لم يعترف بها العالم، والتي اتخذ منها زعيم الإرهاب في العالم ذريعة للدفع بعناصره الإرهابية إلى دولة ليبيا، ليبرهن المرة تلو الأخرى على إرهابية مشروعه، الذي لم يعد يخفى على أحد. إن ما يقوم به أردوغان وتمسكه بمشروع تم تحطيمه تحطيما على يد الجيش والشعب المصري في مصر، وعلى يد الجيش والشعب السوري في سوريا، وهو ما سيتم على يد الجيش والشعب الليبي في ليبيا، إنما يعكس حالة التيه التي يعيش فيها الرجل، تلك الحالة التي تجعله لا يستطيع أن يدرك أن الزمن قد تجاوز مشروعه، وأنه خرج من التاريخ، كما سيخرج من الجغرافيا، في كل من سوريا وليبيا، مهما حاول، ومهما استعان من قوى المنظمات والجماعات الإرهابية، ليدفع بهم، مع نفر من جيشه النظامي، ليحاربوا الشعوب العربية، في سوريا وليبيا، ومصر.

إن ما يقدم عليه أردوغان من معاداة كل الشعوب والأنظمة في المنطقة، والتي لن تسمح له مطلقا، بتحقيق أيٍّ من أهدافه الخبيثة، يذكرني بآخر خليفة في دولة بني أمية، أبو عبد الملك مروان الثاني بن محمد ، المعروف أيضاً بمروان الحمار والذي كان لا يجف له لبد في محاربة الخارجين عليه، فسطر بذلك نهاية حكم بني أمية، ومات مقتولا، وهو ما لا نستبعده للخليفة العثماني المزعوم، الذي لم يحافظ لنفسه على صديق إلا الجماعات الإرهابية، ولم يترك له عونا إلا من الإرهابيين، ولم يحقق نصرا واحدا في كافة المعارك التي اختلقها ليخوضها، فكانت عليه وبالا، وستكون عليه وعلى جماعة الإخوان الإرهابية ومن يدورون في فلكها حسرة.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد