تقارير خاصة

المسرح المقاوم ودوره في تعزيز ثقافة الانتماء

يعد المسرح المقاوم حارساً أميناً يرعى القيم النبيلة للإنسان بأسلوب جميل مقبول، ويقدم أعمالًا تقييمية تتصل بالعديد من المجالات، فيقدم دورًا تربوياً رائعاً فريداً، يرسخ الجانب البنائي النفسي والتربوي، من خلال صياغات فنية عالية المستوى، تفجر مناطق الإبداع لدى الجمهور، وتعمل على حثه على رفض العديد من السلوكيات غير المرغوبة، وتحفز الجوانب الاجتماعية الايجابية، كما تنقد الأعمال المسرحية الجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتقدم خدمات ترفيهية لكافة أبناء المجتمع بمختلف شرائحه العمرية.

تأثر المسرح في الداخل الفلسطيني بالواقع السياسي الذي تعيشه القضية الفلسطينية بتحدياتها وتناقضاتها، والجدل الدائر حول مفهوم المقاومة وأوضاع الحركة الأسيرة، وجاءت العديد من الأعمال الفنية والثقافية لتؤطر ذاك المشهد، وتساهم في صقل الشخصية الوطنية للشباب وتعمق وعيهم القومي والسياسي.

لقد كان ولازال المسرح فعل إرادة ومقاومة، خاصة إذا ما نظرنا إلى أن القاعدة الأساسية لمفهوم الدراما حسب التعريف الأرسطي هي « فعل نبيل تام » ، فالفعل هو أساس وكيان المسرح مهما اختلفت الأغراض.

و ليس بغريب أن يكون المسرح أكثر الفنون التصاقا بالوعي والمقاومة والدعوة إلى التغيير والنمو بالفكر الإنساني، فقد كان منذ وجوده قائما على الباعث والمتقبل ومهددا بالتغيرات السياسية والمناخات الاجتماعية التي كانت تمنعه حينا وتحرمه أحيانا لما يحتويه من آليات مؤثرة من أجل استنهاض ذوات وقيم الشعوب ولما يمتلكه من آليات لنقد السلطة مهما كانت طبيعتها ولما يتسم به من طبيعة آنية واقعية .

في مسرحنا العربي نجد مسرح المقاومة بمفهومه الأوسع، سواء المقاومة الفلسطينية ضد التعصب، أو المقاومة ضد الاستعمار، أو حتى ضد طغيان الحاكم، بهذا المفهوم الأوسع للمقاومة قُدمت أعمال لكتّاب عرب على خشبة مسرحنا، أهمها ما طرحه علي أحمد باكثير في مسرحياته، ومنها: (شيلوك الجديد)، و(شعب الله المختار)، و(إله اسرائيل). وكذلك ما طرحه عبد الرحمن الشرقاوي في (النسر الأحمر)، وفيها يتصدى صلاح الدين مقاوماً للصليبيين.

لقد كان مسرح كتّابنا وقصائد المقاومة التي تحولت الى أغانٍ لمحمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وأحمد دحبور وعلي الخليلي وغيرهم بمثابة قوة دفع للمقاوم الفلسطيني على الجبهة، حتى أن العدو كان يقود من يغني هذه الأغاني في أي مكان على المقهى، أو في حفلات الزفاف الى السجن الذي يصل الى خمس سنوات، ما يؤكد فاعلية الفن والأدب في المقاومة.

إذا كان المسرح بشكل عام هو جوهر التنوع وإبراز الذات الوطنية فتكون مهمّة المسرح المقاوِم، شدّ العزائم واستنهاض الهمم، والدفاع عن الحقوق المستباحة وترتبط بدعوة الشاعر لبناء الإنسان بناءً صحيحاً تتحقق فيه حريته وإنسانيته.

تابعوا الحلقة الثامنة من برنامج “القدس بين التحرير والتطبيع” مع الضيوف الأعزاء:
أ. داود أبو شقرة: كاتب مسرحي وعضو اتحاد الكتّاب العرب
أ. أحمد علي هلال: كاتب صحفي وناقد فلسطيني
أ. أكرم رافع: كاتب وفنان تشكيلي

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد