كتاب واراء

كيف تعامل الإمام خامنئي مع انتقاد الاستاذ بن جدو له

 

*بقلم: ناجي علي أمهز*

عندما نتحدث عن ضرورة تطوير وتصحيح الإعلام في بيئتنا، فإننا لا ننطلق من رغبة في الانتقاد لمجرد النقد، بل من حرصٍ أكيد على صورة هذا المحور وقدرته على محاكاة العصر بمرونة وعمق. وفي هذا السياق، تستوقفنا تجربة رائدة للإعلامي الأستاذ غسان بن جدو، تقدم لنا نموذجاً لكيفية الجمع بين "الالتزام المبدئي" و"الاستقلالية الفكرية".

 

ففي فيديو قديم للأستاذ غسان بن جدو -منشور على منصة (Beirut Observer) عام 2009 ومنقول عن فضائية "دريم" المصرية حول مواقف سابقة- يتحدث فيه عن موقفٍ حصل معه عندما انتقد الإمام خامنئي بقوله: "عندما تدخل المرشد بشخصه وبنفسه في عدة قضايا تتعلق بالحريات الصحفية، وبعد إذ تدخل في أمرٍ بشأن البرلمان، راكمتُ انتقاداتي آنذاك له، وقلتُ إن المرشد بهذه الطريقة يخرج عن كونه حكماً".

 

وأكد الأستاذ بن جدو: وقلت لضيفي مرة وكررتها ثانيه مع ضيف اخر الشيخ محمد علي التسخيري وهو من كبار مستشاري المرشد خامنئي قلت له ما الفرق بين الولي الفقيه وبين شاه ايران عدا ان الولي الفقيه يضع عمامة وشاه ايران يضع تاجا".

 

ويكمل الأستاذ غسان قوله: "إن المرشد تدخل وتحدث مع رئيس الجمهورية (آنذاك) محمد خاتمي، لأنه يعلم أن هناك صداقة بيني وبين الرئيس خاتمي، وقال له: (أنا زعلان) -يعني انا غضبان- من غسان بن جدو، وأرجو أن تحدثه. فاتصل بي الرئيس خاتمي وقال لي: السيد خامنئي (زعلان)، فأرجو منك أن تخفف شوي".

 

يصف الأستاذ بن جدو المشهد قائلاً: "فقلت للرئيس محمد خاتمي: أرجو أن تبلغ احترامي وتقديري البالغ للسيد خامنئي؛ ففي نهاية الأمر هذا رجل النظام الأول، وتعاطيه معي بهذا الاحترام والمنطق الحضاري فنحترمه لهذا الامر، لكن في ما يتعلق بعملي، أنت تعلم جيداً يا سيد خاتمي أنني عندما أرى خطأً فإني اقوله، وهو يعلم جيداً".

 

كما يقول الأستاذ غسان في المقابلة نفسها 2009 عندما يتحدث عن عمله في لبنان: "ربما أنصار حزب الله شعروا ببعض الاستغراب وحتى ببعض العتب، ووصلني عتبهم بأنه: (يا أخي أنت مبيّن أنك لست معنا)، فقلت لهم: طبعاً أنا لست معكم ولا ضدكم؛ فالوضع في حرب تموز يختلف، كنتم تحاربون إسرائيل، أما الآن فأنتم تختصمون سياسياً مع وليد جنبلاط وسعد الحريري وسمير جعجع.. أنا لماذا سأكون مع حزب الله ضد سمير جعجع؟ ولماذا سأكون مثلاً مع وليد جنبلاط ضد ميشال عون؟ ما شأني في هذا الأمر؟".

 

وهذا تماماً ما أفعله أنا؛ لست مع الحزب ضد القوات، ولا مع القوات ضد الحزب. 

كما انني لم انتقد الامام الخامنئي او حتى فكرت لو لمرة ان انتقده او حتى انتقد الحزب وسياسته. 

 

ثم إنني أطالب إعلام محور المقاومة بما طالب به الأستاذ غسان فريق عمله في قناة "الجزيرة" عندما قال في المقابلة نفسها: "بكل صراحة، أنا الآن أقرّ أمامكِ ومعكِ أنني وضعتُ ضوابط أخلاقية وسياسية ودينية في عملنا المهني والإعلامي، لسبب بسيط جداً وهو أنني في لحظة من اللحظات قلت لنفسي ولزملائي الأعزاء في المكتب: يا إخوان، (لبنان) ربما يكون على شفير هاوية، فأيهما الأولوية: هل ننقل كل ما يقال من الجميع بأي طريقة كانت، أم نضع في اعتبارنا أن تداعيات ما يحصل في لبنان ستكون على المنطقة بكاملها؟".

 

ويكمل الأستاذ غسان واصفاً الواقع في العراق -وهي النقطة الأهم-: "الواقع الكريه والفضيحة الكبرى الموجودة في العراق بسبب سياسة وأداء الحاكمين هناك، الذين لم يتحملوا المسؤولية واعتبروا أن مكسباً لطائفة أو لمذهب هو مكسب لهم، ولم يشعروا بأن هذا المكسب سيكون على حساب غيرهم، وسيؤجج المنطقة بكاملها.. لقد تم اللعب على هذا الوتر داخل الساحة اللبنانية".

 

كما يؤكد الأستاذ غسان على موضوعية "الجزيرة" (آنذاك) وأنها كانت حيادية إلى أقصى الحدود، حيث يقول: "وطبعاً مع الزمن، تبيّن أن عمل قناة الجزيرة في لبنان كان فعلاً محايداً وموضوعياً إلى أقصى حد، ومتوازناً إلى أقصى حد، خصوصاً في الصراعات الداخلية، وربما أيضاً المعارك التي حصلت بعد حرب تموز أكسبتنا ثقة أكبر؛ لأنه خلال حرب تموز كان واضحاً أننا منحازون إلى لبنان، بطريقة تغطيتنا وعملنا، دون أن نكون جزءاً من آلة بروباغندا، لأن أهم شيء فعلناه في حرب تموز هو أننا دافعنا عن لبنان وعن شعب لبنان، وأظهرنا المأساة الإنسانية وأظهرنا صمود المقاومة، لكن أيضاً من دون بروباغندا".

 

وختاماً، إن اعتراضي على إعلام المحور هو هذه "البروباغندا" غير المنطقية؛ فلماذا لا نطبق تلك الشروط المهنية التي تحدث عنها الأستاذ غسان؟ ولماذا لا نتبنى منهجه حين قال: "أهم شيء فعلناه هو أننا دافعنا عن لبنان وشعبه، وأظهرنا صمود المقاومة، لكن أيضاً من دون بروباغندا".

 

أنا لا أبتدع شيئاً من عندي، بل أطالب بتطبيق سياسة الاستاذ غسان بن جدو أكبر رموز إعلام المحور عندما كان في الجزيرة.

 

رابط الفيديو عن انتقاد الامام الخامنئي:

 

 

الرابط الثاني عن حديثه عن الجزيرة في نفس المقابلة:

 

 

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة