كتاب واراء

في السياسة، كما في الحروب، من لا يقرأ الواقع كما هو، يُحكَم عليه بتكرار الخسارة ..

كتب سليم الخراط

 

قراءات وتحليلات قدمها لنا كتاب وإعلاميين تعددوا لكن ما ميزته بإهتمامي كانت لكلا الكاتبين الإعلاميين الأساتذة ميخائيل نعيمة وإسماعيل النجار ..، حيث كانت البداية انطلاقا من البحث في أوهام السيادة ووقائع القوة التي اخذتني لتساؤلات متعددة تحاكي التحليل وتختصره : 

اولها لماذا فشلت رهانات إسقاط منطقة الشرق الأوسط تحت مسميات تعددت، كشرق اوسط جديد إلى الثورات الخلاقة .. إلخ .. ..!!؟

ثانيها لماذا فشلت كل المراهنات على إسقاط المقاومة وحاضنتها في لبنان والعالم العربي والإسلامي ومحبة احرار العالم لها ..!!؟

لماذا أميركا وإسرائيل لم يتجرأوا على إتخاذ قرارٍ حاسم بإشعال الحرب في المنطقة وإنهاء الأمر حتى في لبنان ..!!؟

لماذا المقاومة في لبنان لم تسَلَّمَ سلاحها ..!!؟

لماذا وهو الأهم للذكرى أن الدرس لن تنساه إسرائيل وحكومة نتنياهو في ما مضى يوما حين ناموا على هزيمة مَدوِيَّة في المنطقة عام 2006، أسقطت هيبة الكيان الصهيوني والأميركي معا في كل العالم، تبعها طوفان الأقصى وتداعياته السلبية على الكيان الصهيوني الغاصب المحتل ..!!؟

لنذهب في افكار المحللين السياسيين من خلال قراءة للاستاذ الباحث الإعلامي ميخائيل نعيمة ملخصها يتضمن التحليل الاستراتيجي للمشهد الإقليمي الذي جعله بحنكته وإبداعه الفكري تحليلاً شاملاً مختصرا للمشهد الجيوسياسي المتغير في الشرق الأوسط والعالم، استناداً إلى تقييمات استراتيجية متعمقة .. . 

فقد اعتبر أن المحور الأساسي للتحولات هو صعود "الترامبية الثانية" التي تعيد تعريف سياسة الولايات المتحدة من خلال منظور "السماسرة وتجار الصفقات"، حيث تصبح الأهداف الاقتصادية المباشرة والاستيلاء على الجغرافيا المفيدة هي المحرك الرئيسي، متجاوزة الأطر الدبلوماسية والاستراتيجية التقليدية .

لذلك يرى أنه يترتب على هذا التحول تداعيات خطيرة على المنطقة، أبرزها وجود مخطط أمريكي واضح يستهدف "تبديد الكيان اللبناني"، وتحويله إلى ساحل لسوريا ومصرف للسوريين، وهو ما أعلنه صراحة توماس براك، العقل المدبر لترامب في المنطقة .. .

لذلك ما يراه أنه سيتم تنفيذ هذا المخطط عبر سيناريوهين : "التطبيش" العسكري المباشر عبر إسرائيل، أو التفكيك الداخلي عبر استدراج الأطراف اللبنانية وإثارة التوترات. كما تُبذل جهود حثيثة لتفكيك "الثنائي الشيعي" عبر عروض اقتصادية مضللة .. .

في سوريا، تعيش البلاد حقبة انتقالية تتسم بالفوضى وضعف السلطة، مما يفسح المجال أمام الولايات المتحدة لتثبيت نفوذها العسكري والاستيلاء على مناطق استراتيجية مثل تدمر والجولان، التي ينظر إليها ترامب كأصول اقتصادية تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات. وفي العراق، يتم التحضير لـ"حدث أمني كبير" على غرار اغتيال رفيق الحريري، يهدف إلى اغتيال شخصية شيعية بارزة غير موالية لإيران لإشعال فتنة داخلية وإعادة تشكيل موازين القوى .. .

على صعيد التحالفات الإقليمية، تبرز تباينات حادة بين السعودية والإمارات، خاصة في الملف اليمني، مما قد يؤدي إلى نشوء محور رباعي جديد يضم السعودية ومصر وباكستان وإيران، من شأنه أن يغير خريطة النفوذ في المنطقة .. . 

كل هذه التحولات الجيوسياسية تجري على خلفية نذير انهيار اقتصادي عالمي وشيك للنظام الرأسمالي، وهو ما يدفع إدارة ترامب إلى تسريع وتيرة الاستيلاء على الموارد والثروات .. .

 

لذلك من الواقع والمنطق أن نرى حظوظ الحرب في منطقة الشرق الأوسط بدأت بالتقلُص، وأسهم السلام في المنطقة وتحديدا بسورية ولبنان ترتفع، وقدرة العدو على شن أي عدوان مباشر تتراجع وتنعدم، لذلك لا مكان الا في الذهاب الى التسويات التي ستكون سيدة الأوطان والسلام والسلم في العالم، حيث الصراعات بدأت تتحول من صراعات عسكرية تدميرية شاملة إلى صراعات اقتصادية تنموية ..!! .

لذلك في ما نراه اليوم غن الوقائع أقوى من الأمنيات وهذا الموقف يعكس خلاصة مرحلة كاملة من الصراع السياسي والإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، حيث سقطت كل انواع الرهانات على الحسم العسكري لتبدأ مرحلة جديدة من الصراعات في الاقتصاد والنمو والتسابق في هذا النوع من الصراعات التي ستعيد للعالم والبشرية مكانتها وكرامتها وسيادتها في دولها إن كان مبدءا يتم الإخلاص بتحقيقه .. . 

الخلاصة تبدأ في سورية الدولة التي تعود لتزدهر ، ودعم دولي إلى جانبه‍ا يقلل الكثير من محاولات التعدي عليها حرصا على عدم انفجارها وتشظي الفوضى في كل المنطقة والخاسر سيكون حتما هو الكيان الصهيو ـ اميركي ..!! .

في لبنان ومقاومته العنيدة تبقى عقدة الشرق الاوسط، لا السلاح سُلِّم، ولا البيئة الحاضنة تخلّت عن مقاومتها، ولا ميزان الردع اختلّ توازنه .. والانتصار لبقاء المقاومة مدعومة بمحبة جماهير العروبة والإسلام وحبها للحرية والكرامة والسيادة ..!! .

في فلسطين أم القضايا تشرح في مقاومتها أنها لا ولن تتخلى عن حقها في تحرير فلسطين وليست معركة طوفان الأقصى في غزة سوى إشارة تقول : لا عودة للوراء مقاومة تدستبقى حتى تحرير فلسطين من النهر الى البحر وعاصمتها القدس .. وستكون ..!! .

لذلك ففي ضوء هذا المشهد، تتقلّص احتمالات الحرب بالمنطقة، وترتفع مؤشرات البحث عن تسويات ..!!، لا لأن الأطراف باتت متساوية في الرغبة، بل لأن ميزان القوة يفرض منطقه ..، إسرائيل تخشى المغامرة، والولايات المتحدة لا تريد انفجارًا واسعًا، خاصة في لبنان الذي رغم جراحه، لم يُكسر .. .

وعليه، فإن كل ما نشهده اليوم هو سقوط أوهام، وبقاء وقائع فكيف ستنتهي الامور في واقع الأحداث المتسارعة وفي ظل التفاهمات ما بين موسكو ودمشق ..!!؟؟ . 

عاشق الوطن ..

د. سليم الخراط 

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة