كتاب واراء

بين أوهام السيادة ووقائع القوة: لماذا فشلت رهانات إسقاط المقاومة؟

كتب إسماعيل النجار

 

بين أوهام السيادة ووقائع القوة: لماذا فشلت رهانات إسقاط المقاومة؟

> لا المقاومة سَلَّمَت سلاحها،

ولا القرض الحَسَن أُقفِلَت أبوابهُ،

أصبحت أحلام السياديين سراب، وذهبت آمالهم أدراج الرياح، كل شيء لديهم تبدَّد، كل شيء بَنوا عليه سياساتهم تهدم، بقيَ حزب الله قوياً وبقيَ الشيعه أعِزاء، وسلاح الإمام المهدي لم يُمَس.

الشيخ نعيم قاسم قالها وبوضوح حتى ولو أطبقت السماء على الأرض، لن تنالوا من سلاح المقاومة.

حتى أميركا وإسرائيل لم يتجرأوا على إتخاذ قرارٍ حاسم بإشعال الحرب وإنهاء الأمر.

إسرائيل هذه وحكومة نتنياهو حصراً الذين ناموا على هزيمة مَدوِيَّة منذ العام 2006 لغاية 2024 ولم يتجرأوا أن يُقدِموا على إرتكاب أي حماقه طيلة 18 عام نتيجة رسم الخطوط الحُمر من قِبَل المقاومة ووضع قواعد إشتباك،

يريدون اليوم أن يكتفوا بنصر التدمير والإغتيالات الذي أعطىَ إنطباعاً بأن المقاومة إنهزمت ووهنت وأصبحت غير قادرة القيام بدورها دفاعاً عن لبنان. هم يهابون حرباً جديدة قد تعيد الماضي إلى الحاضر وقد يستقر الوضع في لبنان على نصرٍ جديد للمقاومة.

وتفقد إسرائيل هيبتها من جديد.

حظوظ الحرب بدأت بالتقلُص

وأسهم السلام في لبنان ترتفع وقدرة العدو على شن أي عدوان تتراجع وتنعدم لذلك وحسب إعتقادنا أن التسويات ستكون سيدة الأوطان .

 الوقائع أقوى من الأمنيات وهذا الموقف يعكس خلاصة مرحلة كاملة من الصراع السياسي والإقليمي في لبنان، حيث اصطدمت رهانات الداخل بحقائق الميدان. فالمقاومة، التي راهن خصومها على إنهاكها أو محاصرتها أو دفعها إلى تسليم سلاحها تحت الضغط الاقتصادي والمالي، خرجت من السنوات الأخيرة أكثر تماسكًا، وأشد وضوحًا في ثوابتها، مدعومة بمعادلات ردع منعت العدو من الذهاب إلى حرب شاملة رغم كل التهديدات.

في المقابل، تعرّض المشروع السياسي لما يُعرف بـ«السياديين» إلى انتكاسة كبرى. فهؤلاء بنوا خطابهم على فرضية أن الضغط الأميركي، والعقوبات، والانهيار المالي، والتصعيد الإسرائيلي، ستقود مجتمعة إلى كسر المقاومة أو تحجيمها. لكن ما حصل هو العكس تمامًا: لا السلاح سُلِّم، ولا البيئة تخلّت، ولا ميزان الردع اختلّ.

بقي سمير جعجع يتقدم صفوف هذا الفريق الذي راهن علنًا على الخارج أكثر مما راهن على الداخل. خطاباته المتكررة، التي بشّرت بقرب “نهاية حزب الله”، اصطدمت بواقع سياسي وعسكري صلب. لا واشنطن ذهبت إلى الحرب، ولا تل أبيب امتلكت الجرأة على خوض مغامرة جديدة قد تُعيد شبح هزيمة 2006، بل وتفتح الباب أمام ما هو أشد وأقسى.

خيبة الأمل هنا لم تكن تكتيكية، بل بنيوية. فالمشروع الذي قاده جعجع ومن معه افتقر إلى أدوات الفعل، واكتفى بانتظار معجزة خارجية لم تأتِ، ولا يبدو أنها آتية. ومع كل جولة توتر، كانت النتيجة واحدة: تراجع في سقف الخطاب، وتقدّم في واقعية الخصم.

في ضوء هذا المشهد، تتقلّص احتمالات الحرب، وترتفع مؤشرات البحث عن تسويات، لا لأن الأطراف باتت متساوية في الرغبة، بل لأن ميزان القوة يفرض منطقه. إسرائيل تخشى المغامرة، والولايات المتحدة لا تريد انفجارًا واسعًا، ولبنان، رغم جراحه، لم يُكسر.

وعليه، فإن ما نشهده اليوم ليس انتصار خطاب على آخر، بل سقوط أوهام، وبقاء وقائع. وفي السياسة، كما في الحروب، من لا يقرأ الواقع كما هو، يُحكَم عليه بتكرار الخسارة.

 

بيروت في,, 18/12/2025


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد