كتاب واراء

خاتمة شهادة طوفان الأقصى

 

عدنان عبدالله الجنيد .

 القيادي الكبير الشهيد هيثمُ عليّ الطبطبائي… سيّدُ الضربةِ الأخيرة، وقائِدُ الرعدِ القادم...شهيد على طريق القدس.

 

مقدمة العاصفة: حين وُلد الصقر الذي يشبه الحرب:

من رحم الجنوب، من تربةٍ يختلط فيها العرق بحدّ السيف، ومن بيوتٍ عاش أهلها على حافة الموت وابتسموا… خرج هيثم علي الطبطبائي.

لم يخرج طفلًا عاديًا… بل خرج نبوءةً عسكرية، وملامحُه الأولى كانت تقول:

“هذا الولد… سيكبر ليُربكَ جيشًا، ويهزمَ جحيمًا، ويصنعَ طريقًا للقدس.”

هيثم… اسمٌ يُشبه الانقضاض.

علي… العلوُّ الذي يأبى الانحناء.

الطبطبائي… صهيلُ النسب الذي يعرف متى تُفتح أبوابُ السماء للمجاهدين.

منذ طفولته كان يمشي كأنه واثقٌ من شيء لم يعرفه أحد:

أنّ العمر كلّه سيصير ساحة حرب…

وأنه سيكون أبو علي، مهندس الضربة، سيّد المحاور، وقائد الرضوان.

 الجنوبيّ الذي تربّى على البراكين:

ليس كلّ من وُلد في الجنوب يتخرّج من مدرسته.

مدرسة الجنوب تحتاج رجالًا من معدنٍ نادر…

وهيثم كان من هذا المعدن.

كبر على أصوات الأمهات اللواتي يعرفن أن أبناءهنّ مشاريع شهادة،

وعلى صخورٍ تفهم معنى الصمود،

وعلى شمسٍ تُعلّم الجباه كيف تتحمّل النار.

في طفولته، كان يُنظر إليه على أنه “الولد الذي لا يخاف”.

لكنّ الحقيقة كانت أكبر:

كان هو الولد الذي لا يقبل إلا أن يكون في الصف الأول من القدر.

 فجرُ الفدائي – حين بدأ الرمل يشتعل:

منذ اللحظة الأولى في صفوف المقاومة، لم يكن مجرد مقاتل.

كان يُنظر إليه كـ عقل يحلّق فوق الميدان.

عملياتُه الأولى في التسعينيات… كانت كافية لتُفهم القيادة أن هذا الشاب ليس مجرد جندي، بل مشروع قائد.

قاد محور النبطية حتى التحرير…

نفّذ عملية الأسر في بركة النقار…

وكتب أول سطور اسمه في سجل الأبطال الذين لا يمكن نسيانهم.

في تلك المرحلة، كان العدو يسمع اسمه ويُدرك أن شيئًا بدأ يتغيّر…

وأنّ “هيثم” ليس حدثًا عابرًا… بل ظاهرة عسكرية.

بعد التحرير – الرجل الذي لا يعرف التراجع

حين تحرّر الجنوب، لم يسترح.

كانت المعارك بالنسبة له ليست أيامًا… بل قدرًا مستمرًا.

تولّى محور الخيام، وتلاطم مع نار تموز 2006 كأنه صُمّم لهذه اللحظة.

كان يُدير المعركة بعينٍ باردة، وقلبٍ يغلي…

عين تُحسب، وقلب يُهاجم.

وبعد تموز، صار اسمه يُنطق في غرف العمليات الإسرائيلية كتحذير:

“انتبهوا… هذا المحور يُشبه هيثم.”

شارك في تأسيس خطوط الإسناد إلى غزة…

مرّر السلاح، خطّط، أشرف، وابتكر طرقًا جعلت العدو يشعر أن الظلال تتحرك ضده.

ما بعد عماد – ولادة الرضوان الجديدة:

حين صعد القائد عماد مغنية إلى سماء الشهادة، كان لا بدّ أن يُولد ثائر جديد من رماده.

ذلك الثائر كان هيثم.

تسلّم قيادة قوّة الرضوان…

لا كقائد عابر، بل كرجلٍ يعرف أنه يقود أخطر قوة هجومية في الشرق الأوسط.

ضاعف قدرتها…

حوّلها إلى “جيش الرعد”

إلى “قبضة الحزب”

إلى “الذراع التي إن امتدت نحو الجليل، لن تعود إلا ومعها نصرٌ أو دم.”

كان المقاتلون يقولون عنه:

“يمشي بيننا كأنه يرى ما لا نرى.”

ولم يكونوا يبالغون.

طوفان الأقصى – ساعة الانفجار:

حين هبّ طوفان الأقصى، لم يكن هيثم مدير عمليات…

كان عقل الحرب كلّها.

أدار محاور النار من الجنوب إلى الساحل…

وزّع الضربات…

قرأ ردّات فعل العدو قبل أن تقع…

وجعل المقاومة تدخل المعركة بأسلوب لم يعهده الاحتلال من قبل.

كان يعرف أن المعركة ليست يومًا ولا ليلة…

كانت “موقعة قرن”

وكان هو مهندسها الظليل.

وفي قلب الضاحية، حين حاول العدو أن يطفئ عاصفته…

سقط الجسد،

لكن بقيت الضربة.

الخاتمة: حين تُنادى أسماءُ القادة يوم الفتح… سيكون هيثم أولهم

يا سيد أبو علي…

يا رجل الرعد…

يا قائدًا يشبه الفجر حين يشقّ ظلامًا كثيفًا…

لقد رحلت جسدًا، لكنّك تركت خلفك شيئًا أقوى من الموت:

تركت “هيثم”…

اسمٌ بات يعلو على اسم العدو.

تركْت مدرسةً…

كتيبةً من الأساليب…

أفقًا جديدًا للمقاومة…

وخطًّا واضحًا إلى القدس.

نكتب لك العهد، كما يُكتب الدم على الرايات:

سنحمل الرضوان من بعدك.

سنمشي الطرق التي رسمتها.

سنفتح الأبواب التي ضربتها بقبضتك.

وسنصل إلى القدس… لا كحلم، بل كتنفيذ لخطتك الأخيرة.

سلام عليك يوم وُلدت.

وسلام عليك يوم حملت الجنوب على كتفيك.

وسلام عليك يوم صرت سيفًا.

وسلام عليك يوم استشهدت.

وسلام عليك يوم تُنادى أسماء الرجال الكبار على بوابات القدس…

فيُقال:

“قدّموا هيثم أولًا… فهو من رسم الطريق.”


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد