كتاب واراء

تصاعد الخطاب الإعلامي في لبنان، بين الاستهداف المتبادل ومسؤولية التهدئة التي تقع على عاتق الجميع

كتب إسماعيل النجار،

 

تصاعد الخطاب الإعلامي في لبنان، بين الاستهداف المتبادل ومسؤولية التهدئة التي تقع على عاتق الجميع.

{يشهد المشهد الإعلامي والسياسي في لبنان في الآونة الأخيرة موجة من الخطابات الحادة والمتبادلة، وسط أجواء سياسية متوترة وانقسامات تاريخية تتجدد بين الحين والآخر. وتبرز في هذا السياق حملة إعلامية متصاعدة تتناول الطائفة الشيعية ورموزها الدينية والسياسية، ما أثار نقاشاً واسعاً حول حدود التعبير وحدود التحريض، ودور القوى السياسية والإعلامية في ضبط إيقاع الخطاب العام.

{التصعيد جاءَ من أطراف يمينية واتهامات مقابله لها بالتحريض على الفتنه.

{وفق ما يتداوله ناشطون وإعلاميون، تتجه مجموعات سياسية وإعلامية محسوبة على التيار اليميني في لبنان{القوات} إلى استخدام لهجة حادة تجاه الشيعة، مع اتهامات بالتحريض والإساءة إلى رموز دينية وسياسية للطائفة. ويشير مراقبون إلى أنّ بعض هذه الحملات تُدار عبر منصات إعلامية واجتماعية مرتبطة بمحاور خارجية، أو تعتمد على وجوه شيعية تُتَّهَم بأنها مدفوعة أو موجهة لتعزيز هذا الخطاب. ويرى أصحاب هذا الرأي أنّ الهدف من هذه الحملات هو ضرب معنويات البيئة الشعبية للطائفة الشيعية، وإثارة القلق والبلبلة في صفوفها، في وقت يعيش فيه لبنان توترات أمنية واقتصادية تجعل الساحة الداخلية أكثر هشاشة أمام أي خطاب تعبوي.

{المؤسف فيما يحصل الصمت الرسمي ااذي يقابله ردود فردية من بعض إعلاميي المحوَر}

{ومن جهة أخرى، يلاحظ المتابعون أنّ القوى الحزبية الكبرى الممثلة للطائفة الشيعية، ولا سيما ضمن قيادات "الثنائي"، لم تصدر حتى الآن مواقف رسمية مباشرة بشأن هذا التصعيد، مكتفية بالصمت أو التعليق بدبلوماسية عبر قنوات غير مباشرة. في المقابل، تولّى بعض الإعلاميين والمحسوبين على محور المقاومة القيام برَد ناري على ما يعتبرونه حملات ممنهجة يقودها "متسولون سياسيون" يستفيدون من دعم خارجي أو لهم علاقات بالسفارات.

{إلا أنّ شريحة أخرى من الإعلاميين القريبين من خط المقاومة فضّلت التزام الحياد أو الصمت، لأسباب قيل إنها ترتبط بمصالح شخصية أو ارتباطات مهنية داخلية وخارجية ومنها الخليجية وخوفاً من زعل طويل العمر؟، ما زاد من حدة النقاش حول دور الإعلام ومسؤوليته في مواجهة خطاب الكراهية.

{الطائفة الشيعية اليوم بين الاستهداف الحقيقي وجودياً أو الإستسلام رغم تاريخهم الحافل بالتضحيات}

{ورغم حدّة الخطاب، يرى كثيرون أنّ الطائفة الشيعية في لبنان التي تحمل إرثاً ضخماً من التضحيات في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي تجد نفسها اليوم في موقع المتهم أو المستهدف، بالرغم من أنها كانت من أبرز من دفع أثماناً بشرية واقتصادية في كل الحروب والمعارك التي مرّت بها البلاد.

{ويستحضر هؤلاء أنّ قسماً كبيراً من الدمار والقتل والتهجير الذي أصاب لبنان كان نتيجة سياسات ومشاريع قادتها أحزاب يمينية تاريخية، سواء من خلال الاستدعاء المباشر للتدخل السوري أولاً عام ١٩٧٦ وثم الإسرائيلي عام ١٩٨٢ وفي فترات أخرى معينة، أو من خلال فتح الباب أمام صراعات أنهكت البلاد وأضعفت مؤسساتها.

{أمام هذا المشهد المعقد، كم نحن بحاجة ضرورية لخطاب وطني جامع. ويبرز أيضاً سؤال جوهري حول دور الإعلام والسياسة في تعزيز التماسك الوطني. فاستهداف أي طائفة أو مجموعة لبنانية وخاصة طائفة دفعت أثماناً كبيرة في سبيل حماية لبنان واستقلاله لا يساهم إلا في تعميق الانقسام الداخلي وتغذية التوتر الطائفي.

{كما أن تحميل ألشيعه مسؤولية أخطاء سياسية أو خيارات عسكرية لا يبرر الانزلاق نحو خطاب الكراهية أو الشتم أو التخوين، وهو ما يحتاج إلى ضبط وتحلِّي بروح المسؤولية من مختلف الأطراف، بما في ذلك القوى المؤثرة داخل الطائفة المسيحية نفسها قبل أن تنفجر الأمور ويصعب العودة إلى الوراء وتصبح لملمة أطراف الرداء اللبناني المشتعل مستحيلة.

{حتى يعي الجميع مسؤولياتهم يبقى المشهد اللبناني، بتعقيداته وتداخلاته الإقليمية، يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى خطاب عقلاني ومسؤول، يمنع الانزلاق نحو الفتنة، ويحفظ كرامة جميع المكونات، ويعيد النقاش إلى مستواه السياسي الطبيعي بعيداً عن الرهانات الخارجية وتوجيه الإهانات والتحريض. فالبلاد أمام تحديات مصيرية، ولا تحتمل المزيد من الانقسام الذي لم يجلب عبر تاريخها سوى الضعف والخراب.

لذلك ننصحكم نصيحه لوجه الله. 

 

{لا تحشروا الشيعه}.

 

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة