كتاب واراء

عمليات التعذيب الممنهجة بحق المعتقلين الفلسطينيين

 

بقلم : سري القدوة

 

 

الشريط المصور الذي بث حول عمليات تعذيب للمعتقلين، بواسطة الكلاب البوليسية، وأيديهم مكبلة للخلف، وهم مستلقون على بطونهم ووجوههم على الأرض، والشهادات التي أدلى بها الأسرى المحررين عن واقع التعذيب في سجون الاحتلال تشكل جزءا يسيرا من عمليات التّعذيب الممنهجة بحقهم، التي نفذتها منظومة الاحتلال في مختلف السجون والمعسكرات .

 

محاولات منظومة الاحتلال الهادفة لكسر إرادة الأسير الفلسطيني، وبث الرعب وترهيب الفلسطيني، والمساس بالوعي الجمعي لصورة الأسير الفلسطيني، من خلال ما تبثه من صور ومقاطع مصورة لعمليات الإذلال والتعذيب، تحت عنوان أنها "مسربة"، ستبوء بالفشل، وعلينا الحذر من طريقة نشر هذه الصور والمقاطع، والمساهمة في تحقيق أهدافه .

 

عمليات التعذيب بحق المعتقلين أثبتته عشرات الشهادات التي وثقتها المؤسسات المختصة على مدار الفترة الماضية، سواء من خلال الطواقم القانونية التي تقوم بزيارتهم، أو من خلال الشهادات التي حصلت عليها من المفرج عنهم، وكان من ضمن تلك الشهادات، إفادات لعدد من المعتقلين، حول قيام (بن غفير) خلال زيارته للسجون بالدوس على رؤوسهم، وتصوير عمليات إذلالهم وتعذيبهم والتنكيل بهم، كما أكدوا أن قوات القمع تجبرهم أن تكون رؤوسهم ووجهوهم ملاصقة للأرض خلال عمليات القمع بهدف إذلالهم، والحط من كرامتهم، وما يصاحب ذلك من عذاب، وألم جسدي كذلك .

 

جيش الاحتلال ووسائل الإعلام الإسرائيلية سبق أن نشرت مقاطع لعمليات تعذيب بحقّ معتقلين فلسطينيين وهم عراة، ثم تلا ذلك العديد من الصور التي نشرها جيش الاحتلال لمعتقلين وهم مقيدون ومعصوبو الأعين وخلفهم العلم الإسرائيلي، والعديد من الصور لمعتقلي غزة، وهم عراة ومكدسون في الشوارع وفي ناقلات الجنود، إضافة إلى الفيديو الأبرز، الذي تضمن قيام جنود الاحتلال باغتصاب أحد معتقلي غزة في معسكر "سديه تيمان".

 

تسريب هذه الصور والمقاطع، أمر تتعمده حكومة المستوطنين الحالية وعلى رأسها الوزير المتطرف "بن غفير"، بهدف التفاخر بتعذيب المعتقلين، في إطار عملية التسابق بين وزراء الحكومة الحالية على من يعذب ويقتل الفلسطينيين أكثر، وقد تعمد "بن غفير" قبل الحرب وبعدها، استخدام قضيتهم والتحريض عليهم أداة لكسب المزيد من التأييد داخل المجتمع الإسرائيلي، وإشباع رغبته الكبيرة بالانتقام بعد الحرب، وذلك دون أدنى اعتبار لما تحمله هذه الصور والفيديوهات، من انتهاك جسيم للقوانين والأعراف الإنسانية، وامتهان للكرامة الإنسانية، كرسالة للعالم باعتبار أن منظومته فوق القوانين، وأنها مستثناة من العقاب .

 

ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال، أكثر من 9900 وهذا المعطى لا يشمل معتقلي غزة كافة الموجودين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال وكل ما يقوم به الاحتلال بحق المعتقلين يشكل سياسات ثابتة وممنهجة استخدمها منذ احتلاله فلسطين، إلا أنه وفي كل مرحلة كان يستخدمها بمستويات مختلفة ومعينة، والمتغير بعد تاريخ السابع من أكتوبر، أن هذه الجرائم والسياسات بلغت ذروتها، عدا عن مأسسته واستحداثه لأدوات جديدة لترسيخ تلك الجرائم .

 

يجب على هيئة الأمم المتحدة فتح تحقيق دولي محايد، بشأن جرائم التعذيب والقتل التي نفذها الاحتلال بحق المعتقلين في سجونه، وضرورة مطالبة الاحتلال بتسجيلات الكاميرات المنتشرة في مختلف السجون والمعسكرات، والتي تشكل اليوم جزءا من بنية السجون الإسرائيلية، وإحدى أبرز أدوات السيطرة والرقابة في بنية السجن، وأهمية قيام المنظومة الحقوقية الدولية باستعادة دورها الحقيقي، واللازم وحماية وجودها كمنظومة، أمام ما يقترفه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم ممنهجة في إطار حرب الإبادة .

 

 

سفير الإعلام العربي في فلسطين

رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد