كتاب واراء

أمة ضيَّعت البوصلة وخانت العهد!

كتب إسماعيل النجار 

 

أمة ضيَّعت البوصلة وخانت العهد!

 

ضاقت الأرض بما رحبت على الأسود الجريحة عندما طوقتْها ضِباع العرب.

لم يكن الحصار عسكرياً فحسب، بل كان حصاراً في الشرف، في الكرامة، وفي الموقف. أمة فقدت الصواب حين باعت دينها في سوق السياسة، وتخلّت عن عهدها مع الله ورسوله، فانحدرت حتى غدت بلا بوصلة ولا ضمير.

*هذه الأمة التي زعمت يوماً أنها نصيرة الإسلام، خانت الرسول الأكرم ﷺ حيّاً وميتاً. فقد قيل له في حياته إنه يهجر، ولم تُصغِ إلى وصاياه بعد وفاته، بل اتخذت دينه سلّماً إلى السلطة والمنافع، وغدرت بآل بيته الأطهار، فقتلت صهره وابن عمّه، وسفكت دماء أبنائه وأحفاده، ورمتهم بالفتنة والخروج، وهي تعلم أنهم سادة الحق وأئمة الهدى.

*تاريخُ هذه الأمة الأسود لم يتوقف عند حدود الغدر الأول، بل استمر إلى يومنا هذا. حيث أصبحَ المنافقين فيها سادة، والمرائين قادة، يزيّنون الباطل ويقلبونه حقاً، ويجعلون من الصدق تهمة، ومن الوفاء بالوعد خطيئة. يستحلُّون دماء الأبرياء، يقتلون الأطفال، يسبون النساء، ويدّعون أنهم حماة الدين والأوطان. أي خيانة أبشع من هذه؟

*في فلسطين، يُذبح الأبرياء، تُقصف البيوت، يُحاصَر الملايين حتى الجوع، بينما قادة هذه الأمة يكتفون بالبيانات الخجولة أو يصمتون صمت القبور. بل الأخطر من ذلك أنهم يمدون أياديهم الملطخة بالعار مطبعين مع الصهاينة، وكأن التطبيع أصبح شرفاً جديداً!

هؤلاء لم يكتفوا بالخذلان، بل سلّوا سيوفهم بوجه المدافعين عن فلسطين، يهاجمون من يقف في الخندق الأمامي حمايةً للقدس وأهلها.

*ولكن في مقابل هذا الانهيار الأخلاقي والسياسي، برز رجال من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الذين أبوا أن ينحنوا للذل. هم الذين حملوا البندقية بوجه العدو الحقيقي، ووجّهوا فوهاتها إلى صدور ألخونة الذين أرادوا حرف المسار. هؤلاء هم الذين استلهموا من عليٍّ بن أبي طالب عليه السلام دروس الصبر والثبات، ومن الحسين عليه السلام دروس الكرامة والإباء. هؤلاء هم الذين جعلوا من فلسطين قضية مركزية لا تُباع ولا تُشترىَ، فدافعوا عنها بدمائهم وأموالهم وأرواحهم.

لقد أثبتت الأيام أن المدافعين عن خط أهل البيت هم وحدهم الذين ظلوا أوفياء لفلسطين، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا يبيعون موقفهم بثمن بخس من دنيا زائلة. وفي زمن الانبطاح والتخاذل، يبقى صوتهم هو الصادق الوحيد، وسلاحهم هو الشرف المتبقي في جسد هذه الأمة الممزقة.

تأكدوا أيها الإخوة إن التاريخ سيكتب، ولن يرحم. سيُسجَّل أن أمة ادعت الإسلام خانت عهدها مع نبيها، وباعت فلسطين بثمن بخس، بينما رجال العقيدة والولاء ظلوا سدنة الشرف وحماة الكرامة. وستظل دماؤهم تصرخ في وجه الخونة هنا القدس يا جبناء، وهنا كربلاء يا فجرة ويا منحرفين وكفرة، فمن خذل الأولى فقد خان الثانية، ومن دافع عنهما معاً كان هو الامتداد الطبيعي لرسالة محمد وآل محمد.

أللهم صل على محمد وآل محمد. 

 

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد