سوريا تنقلب على تاريخها...!
لم تخرج سوريا يوماً منذ استقلالها، عن القضايا القومية بشكل عام، واغتصاب فلسطين بشكل خاص، رغم الانقلابات وتبدّل الحكومات والصراعات الداخلية، فدفعت أثماناً ضخمة وكبيرة مادياً وعسكرياً، واحتل العدو مرتفعات الجولان ومحافظة القنيطرة خلال عدوان ١٩٦٧، واستعادت محافظة القنيطرة في حرب تشرين ١٩٧٣، ورفضت التنازل والمصالحة مع الكيان، رغم محاولة الرئيس المصري أنور السادات جرها إلى معاهدة صلح أسوة باتفاقية كامب ديفيد، لكنها رفضت وتبنت المواجهة ودفعت ثمناً سنة ١٩٨٢ عند اجتياح لبنان ووقوفها إلى جانب منظمة التحرير ودعمها للمقا.ومة في لبنان بصرف النظر عن تدخلها في الحياة اللبنانية بكل تفاصيلها بتكليف إقليمي ودولي من خلال مؤتمر الطائف، الذي انعقد في مدينة الطائف السعودية، وخرجت من لبنان إثر اغتيال الشهي.د الرئيس الحريري بقصد التحريض على الفتنة بين السُنة والشيعة وانسحاب الجيش السوري...!
تبع ذلك تسونامي الإرهاب الممول من القريب والبعيد ومحاصرتها وإسقاطها تحت عناوين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والأقليات، حتى تم تسليم قصر المهاجرين من دون ضربة كف، وتربع الجولاني على كرسي العرش بربطة عنقه الباريسية وبذلته الانجليزية وأفكاره الاردوغانية. في أقل من مئة يوم تبخر الحلم الموعود وانقلب السحر على الساحر، وأصبح الخطف والقتل بكل الاتجاهات تحت عنوان من ليس من فكرنا وعقيدتنا فواجبنا الاقتصاص منه، وغابت الوطنية والقومية والاسلام المسامح، وأصبح التعصب والفتك والتكفير والقتل عنوان المرحلة، ولم تعد فلسطين بوصلة النظام ولا المناطق السورية المحتلة من أولويات الأهداف، بل صمتت الآذان عن الاعتداءات الصهيونية والتدخل واحتلال جبل الشيخ والتمدد باتجاه دمشق، وغرقت في الصراعات الداخلية، ووصل الأمر إلى اعتقال قادة المنظمات الفلسطينية المعارضة، ووفقاً للمعلومات كان بناءً على طلب أميركي...!
ينهض مما تقدم، أن سوريا بين الماضي والحاضر هي بون شاسع، حيث كانت تعتبر عاصمة الصمود والتصدي ودعم القوى الثورية في الأمتين العربية والإسلامية والدولية، ولم تركع أو تستسلم للغرب بزعامة واشنطن، وكانت ملجأ للقوى العربية المضطهدة والمعارضة لأنظمة الحكم الدكتاتورية. أما اليوم، لم تعد الملجأ الآمن لشعبها ومواطنيها وخاصة الأقليات، وخير شاهد هو ما يحصل في الساحل السوري والجنوب وفي الداخل، وتسريح ٣٥٠ ألف جندي ورتيب وضابط من مختلف الرتب، وهذا لم يحصل في بلد في العالم، ومنح من هم خارج سوريا مواقع ومسؤوليات. كما أن تجاهل الاعتداءات الصهيونية لا تبشر بأن سوريا تتجه نحو الأمن والاستقرار وإقامة دولة وتحرير فلسطين..!
وعليه تطرح تساؤلات عديدة منها:
١- أي مستقبل ينتظر بلاد الشام؟
٢- لماذا هذا الصمت المطبق والعمى المتعمد والطرش المصطنع تجاه العدو؟
٣- لماذا مُنعت التنظيمات الفلسطينية من ممارسة أي نشاط مدني أو سياسي أو عسكري على الأراض السورية؟
٤- لماذا فُتحت النار على الطائفة الدرزية السورية ومُنح العدو هدية مجانية بتبني الطائفة الدرزية، فمن أقرب للدروز النظام السوري أم العدو الصهيوني؟
د. نزيه منصور