كتاب واراء

المفاوضات النووية الايرانية الأمريكية واللعبة السياسية في المنطقة

 

 

بقلم الباحث في الشأن السياسي 

علي عزيز الزبيدي 

 

رئيس الوزراء الإسرائىلي بنيامين نتانياهو يلعب على عامل الوقت والتناقضات في داخل الولايات المتحدة الأمريكية 

على حافة الهاوية، تقف إسرائيل ممسكةً بحبل مشدود بين استفزاز إيران والتودّد إلى واشنطن، كل خطوة محسوبة، لكن الرياح الإقليمية العاتية تهدد بإسقاطه.

منذ استهدافها القنصلية الإيرانية في دمشق، إلى ردّ طهران الصاروخي، ثم ضربات أصفهان وأحداث أكتوبر/ تشرين الأول، تُظهر إسرائيل براعة في "الردع الاستباقي"، لكنها تُقامر بمستقبل المنطقة.

أما واشنطن، الحليف الأقرب، فقبضتها رخوة، مشغولة بتجسيد وتحقيق حملاتها الانتخابية والمفاوضات مع إيران.

لكن، ماذا لو انقطع الحبل؟ وهل تملك إسرائيل فعلًا القدرة على التحكم في حدود التّصعيد؟

من حلفاء إلى أعداء: جذور الصراع هنا لابد منّ الإشارة يجمع معظم المحللين السياسيين 

حتى عام 1979، كانت إسرائيل وإيران ترتبطان بتحالف إستراتيجي يجمع بين مصالح أمنية وصفقات نفط وتسليح. الثورة الإسلامية قلبت هذا التحالف رأسًا على عقب، لتصبح طهران رأس حربة خطاب "إزالة إسرائيل"، وتتحوّل تل أبيب إلى خصم دائم للنفوذ الإيراني المتصاعد.

إسرائيل، التي ما زالت رهينة ذاكرة حرب 1973، تتبنى عقيدة "الضربات الاستباقية"؛ لمنع أي تهديد من التطور. وفي المقابل، نسجت إيران شبكة من الوكلاء في سوريا، ولبنان، والعراق، واليمن، في إستراتيجية تُغنيها عن المواجهة المباشرة.

هذا الصراع ليس فقط جغرافيًا أو أمنيًا، بل تغذَّى على مفاهيم متناقضة للشرعية والهيمنة. إيران تصدر نفسها في مواجهة مشروع استعماري-صهيوني مدعوم غربيًا، وإسرائيل ترى في إيران تجسيدًا لتهديد وجودي يجب تطويقه ومنعه من التحول لقوة نووية.

نتنياهو وإيران

منذ عودته إلى الحكم عام 2009، جعل بنيامين نتنياهو من إيران التهديد المركزي للوجود الإسرائيلي، لكنه لم يكتفِ بالتحذير، بل حوّلها إلى أساس عقيدته السياسية والدبلوماسية.

في خطابه الشهير بالأمم المتحدة عام 2012، رفع لوحة كرتونية لقنبلة على وشك الانفجار، محددًا "الخط الأحمر" لبرنامج إيران النووي، في مشهد اختزل كيف تتحول صورة العدو إلى أداة خطابية وسياسية بيد نتنياهو.

لكن في الواقع، نتنياهو لم يسعَ أبدًا لمواجهة إيران عسكريًا بوضوح، بل مارس سياسة "إدارة العدو" بدلًا من مواجهته. اعتمد على الاغتيالات، الحرب السيبرانية، ضربات محددة، والضغط عبر الحلفاء، لكنه امتنع عن اتخاذ قرار إستراتيجي بمواجهة شاملة، رغم توفر اللحظة العسكرية أحيانًا.

في المقابل، استغلَّ التهديد الإيراني لإعادة تعريف تحالفاته الخارجية، فاليمين الإنجيلي في الولايات المتحدة تبنّى روايته عن "الخطر الفارسي"، ورأى فيه مدافعًا عن نبوءات توراتية، وهو ما مهّد لتحالف غير مسبوق بين نتنياهو والحزب الجمهوري، حيث ظهر ذلك جليًا في خطابه بالكونغرس ضد الاتفاق النووي عام 2015، متجاوزًا إدارة أوباما، في سابقة دبلوماسيّة خطيرة.

محليًا، استخدم نتنياهو "الخطر الإيراني" كبديل عن القضية الفلسطينية، فحين تساءل العالم عن الاستيطان، كان جوابه: "إيران تُهدد وجودنا"، وحين سُئل عن حل الدولتين، كرّر: "لا يمكن القبول بدولة فلسطينية في ظل وجود إيران في سوريا، وغزة".

هذا المنطق أقنع بعض الدول العربية بالمضي في التطبيع، فنتنياهو قدّم نفسه كحليف موثوق ضد طهران، لا كقوة احتلال في الضفة وغزة.

أما داخل إسرائيل، فخطابه لم يكن موضع إجماع، فقيادات عسكرية وأمنية بارزة – من رئيس الموساد السابق تامير باردو إلى رئيس الأركان أفيف كوخافي- انتقدوا محاولات نتنياهو تسييس ملف إيران النووي في حين ان دولا عديدة تمتلك الطاقة النووية كالهند وباكستان ودولا اوروبية عديدة لا احد عنده فيتو ضدها الا ايران لانها خارج تفكير امريكا والكيان الصهيوني.،.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة