في تطور نوعي وصادم للولايات المتحدة، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن إسقاط طائرة أمريكية من طراز F-18 تابعة لحاملة الطائرات يو إس إس ترومان في البحر الأحمر. لم تكن هذه المرة مجرد إسقاط لطائرة بدون طيار كما حدث سابقًا، بل إسقاط مقاتلة أمريكية متطورة، يُعتقد أنها كانت تنفذ مهمة قتالية في إطار عمليات العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن. الأهم من ذلك، أن هذه العملية ترافقت مع أنباء مؤكدة عن تعرض الحاملة ترومان نفسها لأضرار، ما يعني أن يد اليمنيين وصلت إلى صميم القوة البحرية الأمريكية في واحدة من أخطر مناطق النفوذ الاستراتيجي.
البيان اليمني: الصدق مقابل التخبط الأمريكي
البيان العسكري اليمني جاء سريعًا، واضحًا، وصادقًا في تفاصيله، بينما عجزت الولايات المتحدة عن تقديم نفي مقنع، ما جعل روايتها محل سخرية في وسائل الإعلام والمنصات السياسية. ومع تزايد التقارير وشهادات المراقبة الدولية، اضطرت واشنطن إلى التراجع عن إنكارها الضمني، لتجد نفسها أمام أزمة جديدة في قدرتها على صياغة سردية موحدة أمام الداخل والخارج.
الرسالة تتجاوز البحر الأحمر
هذه العملية لم تحدث في فراغ، بل جاءت بعد أشهر من الغارات الجوية المكثفة التي شنّتها أمريكا وبريطانيا على اليمن، زاعمتين تدمير القدرات العسكرية اليمنية وإنهاء التهديدات للملاحة. لكن المفارقة أن اليمن، وبعد كل ذلك القصف، لا يزال لا يملك فقط القدرة على الصمود، بل على إسقاط طائرات أمريكية حديثة، وتهديد حاملات طائرات، بل وإصابة إحداها، وهي سابقة لم تحدث منذ عقود.
هيبة أمريكا على المحك
إسقاط طائرة F-18، وتضرر حاملة الطائرات ترومان، ليس مجرد حدث عسكري، بل ضربة مباشرة لهيبة الولايات المتحدة ومكانتها كقوة بحرية عالمية لا تُقهر. فالقوات الأمريكية التي اعتادت على العمل دون تهديد مباشر أصبحت فجأة هدفًا مشروعًا، في منطقة كانت تُعد تحت السيطرة الكاملة للقيادة المركزية الأمريكية. إنه تحول استراتيجي حقيقي، يكشف عن عجز واشنطن عن تحقيق أهدافها حتى باستخدام أدواتها الأشد فتكًا.
هل تحدث هزة في البيت الأبيض؟
لا شك أن التداعيات السياسية لهذا التطور قد تتجاوز التصريحات والبيانات إلى قرارات داخلية خطيرة. فالفشل في تأمين القوة البحرية الأمريكية، رغم كل ما يُنفق عليها من موازنات، يضع وزارة الدفاع تحت المجهر، ويجعل إقالة وزير الدفاع الأمريكي أمرًا مرجحًا في ظل تصاعد الانتقادات داخل الكونغرس والمؤسسة العسكرية نفسها. ما حدث في البحر الأحمر قد يتحول إلى زلزال سياسي يهز أركان إدارة بايدن، ويعيد صياغة مقاربة واشنطن تجاه الملف اليمني والوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.
نهاية وهم التفوق المطلق
المواجهة في البحر الأحمر تُعيد كتابة معادلات الردع والمخاطرة. اليمن، الذي كان يُعتقد أنه الحلقة الأضعف، بات لاعبًا إقليميًا يُحسب له حساب في معركة الإرادات. ومع كل إسقاط، وكل ضربة دقيقة، تتراجع أسطورة التفوق الأمريكي المطلق، ويتقدم واقع جديد، فيه أطراف كانت تُصنّف هامشية، تفرض معادلات كبرى في صلب الأمن العالمي.