كَتَبَ إسماعيل النجار
عندما كان بشار الأسد رئيساً شرعياً لسوريا معادياً لإسرائيل وجزءً من مِحوَر المقاومة رفضوا زيارته أو التحدث إليه حتى عن أهم القضايا التي تخص البلدين،
وعندما أصبح الإرهابي الدولي أبو محمد الجولاني رئيساً لسوريا بديلاً عن الأسد أصبحَت دمشق مَحَجَة للرؤساء اللبنانيين والوزراء لأخذ البركات! وأفصَحَت القوات اللبنانية على لسان مسؤولها الإعلامي أن الشرع رفيق لهم ولا خلاف بينهما وما يجمعهم أكثر مِما يُفَرقهُم،
هذه هي سياسة الإنعزاليين في لبنان يجمعهم مع الجولاني العمالة للخارج وهواية الذبح والقتل والحرق، والتاريخ يشهد عليهم بذلك لكنهم غَيَّروا أشكالهم عندما لبسوا الطقم وربطة العنق الغربية وأصبحوا رؤساء وقادة سياسيين،
إنَّ السياسة التي يُشار إليها بـ"الانعزالية اللبنانية" تاريخيًا تعكس تيارًا رافضًا للتدخلات الإيرانية والسورية في حقبة الرئيس الأسد وتعتبرها مساعي هيمنة إسلامية إقليمية، وطالبوا مع التركيز على حماية المسيحيين من الغرب تحت مسمىَ السيادة اللبنانية، فوُجهت لهم تيارات إسلامية تهمة "الانغلاق" ورفض الانخراط في المشاريع العربية والإسلامية، بينما رأى مؤيدوا التيار الإنعزالي أن الإنغلاق يؤمن حماية للكيان المسيحي من التذرر الطائفي عبر مشاريع خارجية.
اليوم، لم يعد مصطلح الإنعزاليين مُستخدمًا كثيراً في لبنان، ولكن إشكالية الهوية والسيادة ما زالت قائمة معهم في ظل النظام الطائفي والتدخلات الأميركية الكبيرة في البلد.
المسيحيين نشئوا في ظل الانعزالية جزئيًا، وترافق ذلك مع حقبة الإستعمار الفرنسي أواسط القرن العشرين ومن شدة التأثير بالسياسات الفرنسية التي هيَ مَن عزّزت إنفصالهم النفسي والثقافي عن محيطهم العربي، عبر خلق هوية لبنانية لهم "مُصنّعة" وفق الرؤية الاستعمارية بعيداً عن العروبة.
إدّعى الانعزاليون في لبنان من كتائب وأحرار وقوات لبنانية أن حماية المصالح الاقتصادية للمسيحيين تكون عبر عزل لبنان عن العرب والمسلمين والإبتعاد عنهم وعن قضاياهم،
لكن نتيجة إتباعهم هذه السياسة والتمسك بالسلطة وإقصاء المسلمين وتهميشهم، إنقلبت وبالاً عليهم وَوَلَّدَت تقهقرًا ماليًا وسياسياً لهم وقطيعة مع محيطهم العربي عمّقت الأزمات فيما بينهم، حتى جاءَ إلى السلطة في لبنان رجل السعودية رفيق الحريري ليقضي على الإنعزالية ويُحَجِم المارونية السياسة ويُنهي تاريخاً أسوداً من الهيمنة والسيطرة.
وبتوجيه أميركي تحت عنوان،،
خشية أن يتحوّل لبنان إلى ساحة لصراعات خارجية (كالنزاع العربي-الإسرائيلي) وتخسر مصالحها الإستراتيجية فيه، دفعوا باليمين الإنعزالي في البلاد نحو تبني خطاب سيادي منغلق عنوانه لسنا مع فلسطين، ولا مع قضايا العرب، وأيدي زعمائهم بقيَت مفتوحة لِدُوَل الخليج لقبض المال فقط وأصبحت لهجة بعضهم بدوية من كثرة شرب القهوة المرة في السفارة السعودية في بيروت،
عندما سقطت سوريا بيد الإرهابيين وَوصلَ ألجولاني إلى سُدَّة الحكم بتواطئٍ روسي تركي تغيَّرَ مزاج السياديين اللبنانيين إتجاه سوريا ودعوا إلى الإنفتاح على دمشق وبدأ الوزراء والسياسيين والرؤساء بالتسابق نحو قصر الشعب ومصافحَة مَن تلطخت يداه بدماء المسلمين وتسبب بدمار وخراب العراق وسوريا ولبنان،
رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووليد جنبلاط ووزراء صافحوا اليَد التي ذبحت العسكريين اللبنانيين وقطعت رؤوسهم في عرسال!
أهكذا تكون السيادة أطها السادَة؟ أهكذا تُحفَظ سيادة لبنان؟ أهكذا تُورَدُ الإبل؟ أهكذا نؤسس دولة ونبني مؤسسات؟ أهكذا يلتف اللبنانيون حول الدولة أم ينقسموا؟
الجواب عند اللبنانيين هم مَن يقرر كيف يكون شكل الوطن ولونه،