كتب إسماعيل النجار
قِراءَة في لزوم الدور الشيعي اللبناني بعد عملية طوفان الأقصى وحرب المساندة من الجنوب،
مِمَ لا شَك فيه أن الدور الشيعي كانَ بَنَّاءً جداً طيلة فترة الإشتباك القائم بين المقاومة الفلسطينية والجيش الصهيوني في قطاع غزة المقاوم،
وأيضاً كان دور الطائفة الفعلي قد بدأَ مع العاصفة التي هَبَّت في 13نيسان 1975 واستمرت حتى عام,1992 في أسوء حرب أهليه نشبت في لبنان وتركت ذيولاً خطيرة نتيجة الإجتياح الصهيوني للبلاد ووصول الدبابات مع شارون الى بيروت عام 1982،
هذه الحرب التي أشعل نارها حزب الكتائب اللبنانية بقيادة بيار الجمَيِّل ونمور الأحرار بقيادة الرئيس السابق كميل شمعون، دفع الشيعه فيها ثمن حماية الوجود الفلسطيني في وطن الأرز وانخراطهم في منظمة التحرير الفلسطينية والأحزاب الوطنيه اللبنانية إنطلاقاً من قناعتهم بأن الجهاد من إجل القضية الفلسطينية فريضة باعتبارها واجب وطني وعربي وديني وأخلاقي وعقائدي وأن العمل الفدائي هو السبيل الوحيد لتحرير الأرض والإنسان ورفع الهيمنه الصهيوأميركية عن بلاد العرب وفلسطين.
بدأت المقاومة الإسلامية العمل العسكري المقاوم عام 1982 لدحر الإحتلال جنباً إلى جنب مع المقاومة الوطنية اللبنانية واستمر الحال كذلك لغاية 1992 العام الذي تم فيه حل الميليشيات ودمج عناصرها في مؤسسات الدولة اللبنانية الرسمية إلا أن حزب الله نئى بنفسه عن الإندماج بالدولة واستمر حاملاً لواء المقاومة ضمن مشروع تحرير لبنان ودفع الخطر الصهيوني بعيداً عن الحدود، ولتحقيق هذا الهدف كانَ لا بُد للحزب أن يوازن بين عمله المقاوم ضد إسرائيل وانخراطه في العمل السياسي الداخلي من خلال دخوله الحكومة ممثلاً بوزراء ثم دخول الندوة النيابية فيما بعد،
إرتكز عمل حزب الله المقاوم على الإلتفاف الداخلي حول اتفاق الطائف، وأضفَت البيانات الوزارية شرعية رسمية على عمله المقاوم مما أتاح له التحرك داخلياً بحرية وأريحية ساعدته على تطوير قدراته وتخزين ما أمكَن من أسلحة وعتاد وصواريخ لمواجهة العدو الصهيوني،
مواجهات الحزب العسكرية مع العدو تركت ندوباً كبيرة في جسد الكيان فخاضَ ضده حروباً شرسة عام 1993..1996..وعام 2006 حيث كانت الحرب الأشرس بين كافة الحروب السابقه،
المقاومة العسكرية أجبرت العدو الصهيوني على التخلي عن أجزاء كبيرة من الجنوب وصولاً للإنسحاب الكامل عام 2000 وهذا كله كان نتيجة عمل عسكري دؤوب ومتواصل،
واجهَ حزب الله معارضة قوية في الداخل اللبناني حيث تحالفت ضده بعض القوى المسيحية والإسلامية بدعمٍ خارجي ولكن إجتثاث تأييد الحزب ومحبته من صدور الناس التي كانت غايتهم لم يدركوها وإضعافه كانَ مستحيلاً في ظل تنامي قدراته العسكرية واللوجستية والتدريبيه،
إكتسبَ حزب الله خبرة كبيرة جداً خلال الحرب الكونية على سوريا وازدادت خبراته في العراق حيث أدار معركة التصدي لداعش بقوة كبيرة جداً،
على الصعيد المذهبي تمكن حزب الله من تجنيد أكثر من 80٪ من الشيعه في لبنان و90٪ من شيعة سوريا ناهيكَ عن الإرتباطات السياسية والحزبية مع المسيحيين والسُنَة والدروز،
بقيَ الحزب سيد المقاومة في المنطقة العربية وزادَت شخصية الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله وكارزيمته القوية من عنفوان الحزب وحضوره ووزنه السياسي داخلياً و خارجياً،
لقيَ حزب الله محبة واحترام الجماهير العربية والإسلامية الحُره وشَدَّ انتباه كافة القوى التحررية العالمية بخطابة سيده وصدقه وقوَّة شكيمته،
عام 2024 اعترفت إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بأن حزب الله أقوى حزب عربي واسلامي في العالم ويمتلك مقدرات عسكرية ومادية ضخمة جداً نتيجة الدعم الإيراني المتواصل منذ ولادته وتبنيه من قِبَل الإمام الخميني العظيم قدس الله سره الشريف،
في عهد حزب الله برزت حركات شيعية كثيرة في العراق وسوريا واليمن لكنه بقيَ في الطليعة وما زادَ من حضوره الإسلامي هوَ تبنيه فتح جبهة إسناد حقيقية للإخوة في قطاع غزة ومن لبنان حيث أجبر الحكومة الإسرائيلية أن تسحب ثلثي قواتها باتجاه الشمال الفلسطيني خوفاً من المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان،
استمرت المقاومة بتحديها العالم بأسره ولم تنفع الوساطات بفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، تخلى العالم العربي والإسلامي برمته عن الفلسطينيين وهم يُذبَحون كل ساعه في أروع مجازر حصلت بحق شعب في التاريخ. كانت ابادة جماعية وتطهير عرقي مارسه جيش الإحتلال الصهيوني في غزة والصمت العرب مطبق،
يئسَت إسرائيل من اقناع حزب الله بالتراجع عن موقفه بالإسناد وفصل الجبهتين عن بعض فاستدار نتنياهو وغالانت بجيشهم نحو الجنوب اللبناني ودارت معارك طاحنة بين رجال المقاومة وجنود العدو ولا زالت مستمرة منذ أربعين يوماً ولم تنجح إسرائيل في احتلال أي قرية وتثبيت جنودها فيها،
انقلبَ المزاج العربي والإسلامي الذي كان يخاصم المقاومة وعادت اللُحمة الإسلامية إلى أفضل حال الأمر الذي أزعج أمريكا وإسرائيل وبدأوا بالتفكير ملياً بقلب الطاولة فوق رأس المقاومة داخلياً فأوكلت المهمة لسمير جعجع الذي يعتبر وكيل نتنياهو في لبنان ومع ذلك لم يتمكن من تغيير المشهد وخصوصاً في ظل وقوف الطائفة السنية الكريمة خلف المقاومة بكل ثقلها،
الحساب قادم أيها الخونة
وغداً ليس بعيد.