كتاب واراء

العتبة العباسية: حضن العراق الدافئ يحتضن ضيوف لبنان… نموذج في العطاء والبذل تحت إشراف السيد أحمد الصافي

د. بتول عرندس 

 

في الأوقات العصيبة، تُختبر معادن الرجال وتتجلى المواقف النبيلة. ومن بين تلك المواقف الخالدة، تبرز جهود العتبة العباسية المقدسة في استضافة أبناء لبنان، الذين يعانون من وطأة الأزمات المتتالية. لقد جاءت استجابة العتبة العباسية لدعوة المرجعية الدينية العليا، ممثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)، وتوجيهات سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، المتولي الشرعي، لتكون أكثر من مجرد استضافة مؤقتة؛ إذ جسدت صورة مشرفة للإنسانية بأسمى معانيها.

 

كربلاء: محطة أمان وكرم

 

منذ اللحظة الأولى لانطلاق توجيهات المرجعية، تحركت كوادر العتبة العباسية بروح الفريق الواحد، لتنظيم استقبال ضيوف لبنان بشكل يفوق التوقعات، حتى تكون كربلاء – بأرضها الطاهرة – موطنًا للأمان والكرم. وقد تجسدت تلك الجهود في استقبال أكثر من 1000 زائر في الفنادق التي أشرفت عليها العتبة العباسية المقدسة، بما في ذلك فندق “أرض النور” الذي احتضن 225 زائرًا، وفندق “نجم كربلاء” الذي استقبل 220 آخرين، إضافة إلى مجمع الشيخ الكليني الذي فتح أبوابه لاستقبال 275 زائرًا. وقد تمت هذه الاستضافة برعاية دقيقة ومباشرة، لضمان توفير كافة الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ورعاية طبية، وصولًا إلى أدق التفاصيل التي يحتاجها الضيوف.

 

ولم تقتصر الجهود على الاستضافة فقط؛ بل تم تنظيم خدمات طبية شاملة عبر مستشفى الكفيل التخصصي ومفرزة “أم البنين (عليها السلام)” الطبية. كما أُعد فريق نسائي متخصص لخدمة الضيوف في فندق “أرض النور”، ليعكس حرص العتبة على توفير الرعاية وفق أعلى المعايير الإنسانية.

 

عطاء يمتد خلف الحدود

 

لم تُحصر مواقف العتبة العباسية في كربلاء وحدها، بل تجاوزت الحدود لتشمل سوريا، حيث تم إنشاء مستشفى متنقل قرب مقام السيدة زينب (عليها السلام)، وتأسيس مطبخ مركزي يقدم يوميًا 5000 وجبة للأخوة اللبنانيين، إضافة إلى استئجار مجموعة من الفنادق لإسكانهم، وتزويدهم بالعلاجات الضرورية. كما تم شحن 1506 أطنان من المواد الغذائية وأكثر من 40 طنًا من الأدوية، في مبادرة تفيض بالكرم والإخاء، مؤكدةً أن روح الحسين ما زالت حية، تهبُ الدفء والعون لكل محتاج، مهما بعدت المسافات.

 

قيادة تتجسد في العمل

 

في صميم هذه الجهود، تقف العتبة العباسية، التي ترجمت توجيهات المرجعية في العمل الخيري والعطاء الإنساني إلى واقع ملموس. فلم يكتفِ القائمون بإصدار الأوامر، بل أشرفوا بأنفسهم على كل خطوة، واضعين نصب أعينهم وصية سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)، بأن تكون كربلاء ملاذًا لكل من قَصَدها طلبًا للأمان. إنهم رجال ونساء يحملون في قلوبهم حب العباس (عليه السلام)، وبأيديهم ينثرون البذل والعطاء كحباتِ الطيب، لا يألون جهدًا في خدمة من نالتهم صعاب الزمان.

 

إن ما قامت به العتبة العباسية المقدسة هو تجسيدٌ حيٌّ لرعاية المرجعية العليا، وعنوانٌ للأصالة العراقية والإخاء الإسلامي. وقد تم كل ذلك بإشراف مباشر من الحقوقي الحاج محمد علي أزهر الشمري، مدير مكتب الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة، الذي عمل بتوجيهات سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، ليكون كل شيء منظمًا ومدروسًا على أعلى المستويات.

 

يا عتبةَ العباسِ، يا رمزَ العطاءْ

فيكِ السخاءُ تجلّى والوفاءْ

 

لبنانُ جاءَكِ هاربًا من جرحهِ

فكنتِ الملاذَ له والدواءْ

 

في أرضِكِ الطاهرةِ وجدوا الأمانَ

وروحَ الكرمِ تفيضُ كالضياءْ

 

أنرتِ الدروبَ لكلِّ زائرٍ

وحملتِ في كفوفِكِ أسمى النداءْ

 

يا كربلاءَ العزِّ، يا منارةَ النُّبلِ

تروي العطاشَ بحبٍّ وصفاءْ

 

فيكِ ارتوتْ قلوبٌ بعد عطشٍ

وتجدَّدَتْ فيها معاني الإخاءْ

 

أنتِ الحصنُ حينَ تشتدُّ النوائبُ

وبلسمُ الجراحِ وشمسُ الرجاءْ


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة