كتاب واراء

ليلة القبض على علي بابا !!!  ولكن ماذا عن المغارة والأربعين حرامي ..؟؟

كتبت هيام وهبة

الشعب اللبناني بطبيعته ِ متسرّع قليلاً بالتعبير عن مشاعره ، فهو يفرح قبل الآوان وقبل أن يتأكد من أن هناك مايُفرح ..

هو يصدر أحكاماً مسبقة على سير الأحداث ونتائجها مما قد يتسبب له بالصدمة حين تأتي الحقائق مخيِّبة لتوقعاته واستنتاجاته ِ وبهجته ،وهذه الطبيعة الميّالة لتصديق كل ما يتحفهُ به الإعلام، الذي (يطنطن) لأي خبر دون معرفة خلفياته، يعود إلى الواقع المحزن الذي يعيشه هذا الشعب المُنهك من السياسات الفاشلة لحكومات متعاقبة تنافست في حلبِه ِ حتى لم يبقَ في ضرعِه ِ ولو نقطة حليب واحدة منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، وتركته على قيد المعاناة ، يعاني سَكَرات الحياة ، هذه الحكومات التي جاءت الى لبنان بمشروع سياسي ليبرالي سياحي طامح للسلام ويمقت الفكر المقاوم، ولا أهمية فيه للصناعة أو الزراعة فجُلّ همّه المصارف ..وقطاع المال.. نظام ريعي بإمتياز ، وأيقونةهذا المشروع الخطير هو الألمعي رياض سلامة الذي يحسدنا عليه العالم كله فهو الذي سيعلي من شأن الإقتصاد في لبنان الجديد، وهذه السياسات التي أعتمدتها الحكومات إستنزفت قوى الشعب اللبناني ونهبته وسحقت كل أحلامه بالعيش الكريم ، وتتوّجت مصائبه بسرقة ودائعه التي جاهد حتى يجمعها لتقيه ِ من غدر ِ الحكومات القادمة .. هذا الشعب المنكوب يتعلق ولو بخيط واه ٍمن الأمل، لهذا فإن فرحه يكون على قدر معاناته اليومية من أجل لقمة العيش في بلد تتحكّم في كل مفاصله المافيات، من الغذاء الى الدواء إلى الإستشفاء، وحدِّث ولا حرج عن الكهرباء والمياه والضرائب على خدمات ٍ غير موجودة !!!

كل شيء في حياة الشعب اللبناني أصبحت ( من قريبو) يأكل (من قريبو) ويلبس (من قريبو ) ويعيش (من قريبو)  

 لهذا السبب كانت فرحته لا توصف حين تم القبض على الحاكم بأمر المال... وشعر بالسعادة والبهجة وبأنه أقترب من لمس ودائعه ... وبأنه لا يضيع حق وراءه مُطالب ..ولكن فاته أن هذا التوقيف إحترازي ولم يصدر حكم يدين هذا المبدع في فن النصب .. وإن إسترجاع الودائع من( كرشه) شبه مستحيل لأنه محمي من الكبار الكبار ومن أصحاب القداسة، وأن القبض عليه لا يحقق العدالة فهو ليس أكثر من واجهة للمتنفذين والحيتان الجبابرة الذين كوّنوا ثروات طائلة من مال الدولة وعرق الفقراء ، زعماء تجذروا في السلطة والفساد وهم من قدموا له الحماية وتمديد الولاية المرة تلو الأُخرى وهو حمى مالهم الحرام وسمح بتهريبه للخارج عند بداية الأزمة ومع ثورة السفارات التي دمّرت الباقي من بنيان الدولة الآيلة للسقوط .. (الثورة المؤامرة) التي أوصلت نواب ال N G Os الى المجلس النيابي ليعيثوا فيه فساداً وعمالة وقذارة ً ..هذا العبقري الذي أغدق عليه الغرب الجوائز والأوسمة والألقاب لتخديرنا وجعلنا نشعر بالأمان وبأن ليرتنا المسكينة بخير( والشغل ماشي والبلد ماشي ولا يهمّك) هذا الخدوم المحِّب لأسياده في الغرب والشرق وما بينهما كافح بكل إخلاص من أجل التنمية .. تنمية ثروات العصابة الحاكمة، وجاهد للقضاء على الفقراء الذين لا لزوم لهم فليموتوا جوعاً أو مرضاً ..لا يهم من وجهة نظر الحاكم رياض ، ومن خلال رؤيته للمستقبل المشرق للبنان بلا فقراء .. لبنان الجديد هوفقط له ولأسياده (ورفقاتو) وكل حرامية البلد الكبار وعوائلهم وأولادهم وأصهارهم وكل من يمُتّ لهم بِصِلة ..!! هذا السارق المحترف الذي أختفى عن الأنظار بأناقته وسيجاره المستفّز لكل أصحاب الودائع وبملامحه الجليدية الخالية من أي تعبير . يتم القبض عليه دون سابق إنذار وخارج التوقعّات .. الشبح تجسّد موقوفاّ أمام العدالة ..!! فهل هذه حقيقة وليست مسرحية جديدة ..؟؟ وأظن وإن بعض الظن إثم أن القبض على سلامة كمن قبض على القُبّعة وترك الرأس ..ولا نعلم إن كانت همروجة التحقيق مع سلامة ستفضي إلى إعادة ودائعنا أم لا.. وهل سيعترف بأسماء المتورطين في جريمة العصر ..؟؟ العلم عند الله ولكنني لست متفائلة لسبب بسيط وجوهري هو أن الرفيق رياض ليس برجُل .. أو إنسان أو نظير لنا في الخلق ، بل هو صندوق باندورا (pandora)الذي ستنطلق منه كل الشرور والقذارات والفضائح والوثائق وملفّات الفساد التي ستعرِّي عظماء ووجهاء لبنان وزعاماته الذين صنعوا شهرة هذا الكائن وصنع ثرواتهم .. فَتْحْ رياض عفوا أقصد فتح صندوق باندورا الأسود العامر بفضائح الطبقة الحاكمةشريكته في نهب الدولة وتجويع الشعب اللبناني وبالوثائق التي من غيرالمسموح خروجها الى الضوء لا يجوز ..لذا أعتقد أن المحترم سلامة مطمئن على مستقبله وإخلاص زبائنه الذين قد يكونوا أسدوا له خدمة بمقاضاته ِ في لبنان وأنقذوه من محاكمة حقيقيةوليست صوَرية في الخارج .. والأمل ضعيف بعودة الودائع في بلد ينخره الفساد مع رياض أو بدون رياض.. لقد قبضوا على علي بابا ولكن المغارة مداهمتها ممنوعة بقانون الأربعين حرامي أكابر البلد...   

وأقول للفرحين بهذا الحدث العظيم ..

لا تفرحوا كثيراً كي لا تحزنوا كثيرا ... 

 

هيام وهبي


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة