بقلم عبدالملك سام
لا شك هناك بأن الله يحمي اليمنيين ، ولذلك نشاهد الطاف الله لنا خلال سنوات العدوان والحصار الخانق الذي لو حدث لدولة أخرى لكان كفيل بسحقها ، وطبعا المنظمة الدولية ومجلس الأمن يتفرجون على كل هذا بصمت . ولكن .. على ما يبدو أن حكومتنا أيضا أصبحت تتفرج على كل ما يحدث ، ولسان حالها يقول : للمواطن رب يحميه !
يرتفع الدولار فترتفع الأسعار ، وتنعدم المشتقات النفطية وترتفع الأسعار ، وتقوم حرب في أطراف العالم فترتفع الأسعار قبل أن ترتفع في أسواق الدول المتحاربة أصلا !! وإذا ما حدث أن أنخفض الدولار أو توفرت المشتقات النفطية أو حل السلام بين تلك الدول المتحاربة فإن الأسعار تبقى على حالها في إنتظار أزمة أخرى لتعاود الأرتفاع ! وبينما المواطن الصامد يعاني ، ويتلفت يمينا وشمالا بحثا عمن يرأف بحاله ، فلا يجد من يتحرك لينصفه !
المصيبة أننا نقدر ظروف حكومتنا ونبحث لها عن أعذار دوما لأننا عازمون على الانتصار ضد الأعداء مهما كلف الأمر ، بينما الحكومة ساكنة لا تبحث عن حلول ، وقد أكتفت بشماعة الظروف لتشهرها في وجه كل من يتسائل عما يحدث ! فهي تخذلنا رغم كل تلك الآمال التي وضعناها عليها في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ شعبنا وأمتنا ، ولو كان الأمر بأنها تفعل شيئا ولكنه لا ينجح فتعاود المحاولة فلا بأس ، ولكن المصيبة أنها لا تفعل شيئا !!
تعالوا لنناقش بعض النقاط .. ماذا فعلت الحكومة في الأزمة الأخيرة ؟! لم نسمع تصريحا واحدا يبرر رفع تعرفة المواصلات ويحدد سعرها "المؤقت" ، كما لم نرى أي تصريح بإعادة السعر القديم ، بل ترك المواطن ليواجه أصحاب سيارات الأجرة بنفسه ! ولم نرى حلولا حتى لذلك الموظف الحكومي في مواجهة هذه الزيادة ولو بتأخير موعد الوصول لمقر عمله بعد أن صار مجبرا على المشي الطويل ليلحق بمقر عمله !
جاء رمضان ، وكالعادة أستعرت الأسعار ، فالتجار - كما هو عليه الحال منذ الأزل - مصرون على أن يستقبلوا الشهر الكريم بأن يسودوا على المواطن عيشه ! وارتفعت النداءات بحثا عن وزارة التجارة لتؤدي عملها ولو بأن تراجع فواتير الشراء وإلزام التجار بالتقيد بأسعار عادلة ، وهذا الاجراء - بجانب ضبط الأسعار - سيؤدي إلى حصول خزينة الدولة على سيولة نتيجة تحصيل ضرائب فعلية غير معروفة ، ولكن لا مجيب !
قانون المؤجر والمستأجر مشروع آخر ذهب أدراج الريح ، وكم نادينا سابقا بإعتماد نظام التأجير بالمتر كما هو الحال عليه في دول أخرى ، وعدم ترك الأمر لضمير المؤجر الجشع ؛ ففي ظل إنعدام المرتبات والأجور ، والوضع الإقتصادي الصعب ، كان من الواجب على الحكومة أن تتدخل ، خاصة مع إرتفاع الإيجارات رغم إزدياد عدد العقارات الجديدة بشكل غير مسبوق . وللأسف لا يوجد دليل واحد أن الحكومة كلفت نفسها لتبحث عن حلول ، وترك المواطن ليواجه هذا الأمر بنفسه ، وباتت إيجارات العقارات تخضع لما يشبه المزادات ، وغالبا فإن عائلات المرتزقة المقتدرة التي نزحت للشمال الأمن هي - لا الحكومة - التي تحدد أسعار الإيجارات والعقارات !
خطاب السيد القائد الأخير ، خاصة حديثه عن الغلاء ، أستقبله الناس بترحاب شديد لأنه لامس همومهم ، ومن المؤسف ألا تتلقف حكومتنا هذا الكلام بنفس الاهتمام ، والموضوع يحتاج لعمل يواكب التحديات وضمير صاح فقط ، وهذا الأمر كان كفيل بأن يزيد تلاحم الحكومة مع المواطن . وصدقوني الأمر ليس صعبا أو مستحيل ، فلدينا العقول والكوادر التي تنتظر من يستغلها ، ولا يوجد سبب للتسويف والأعتذار ، ونحن نرى ماذا يستطيع أن يفعل اليمنيون في الجبهات ، فقد حققوا المستحيل . ولكن إلى أن نرى بوادر تحرك حكومي سيظل لسان حالنا يقول : للمواطن اليمني رب يحميه !