عربي

الشيخ نعيم قاسم :خيارنا أن نعمل لتحرير الأرض

بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ

 

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة الأولى من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 26-06-2025:‏

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا ‏‏وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء ‏‏والصالحين إلى قيام يوم الدين.‏

السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليكم منّي سلامُ الله أبدًا ما بقيتُ وبقي الليل ‏‏والنهار، ولا جعله الله آخر العهد منّي لزيارتكم.‏

السلام على الحسين، وعلى عليّ بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.‏

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

نُحيي الليلة الأولى من عاشوراء لهذا العام، الأول من محرّم الحرام.‏

لماذا نحيي عاشوراء؟ لأننا نريد أن نعود إلى الأصالة، ونتعرّف على أسس إحياء الدين في حياة الناس.‏

نُحيي عاشوراء لنعود إلى الجذور التي أدّت إلى أن نكون مع عاشوراء، وأن تكون عاشوراء قدوة لنا.‏

كيف نبدأ؟ نبدأ من الفطرة.‏ هذا الإنسان مفطور من الله تعالى على مجموعة من الخصائص، مفطور من الله ‏تعالى أن يكون متعلّقًا بالله ‏تعالى، قريبًا من السماء.‏ هذا الإنسان يحتاج إلى موجّه لحياته، لأنّ اليوم كلّ واحد ‏منّا سيختار خيارًا معيّنًا في حياته: خيار ثقافي، ‏خيار اجتماعي، خيار أخلاقي، خيار له علاقة بإدارة الحياة، ‏خيار له علاقة بالتطلّعات.‏ هذا كلّه عبارة عن خيارات تُشكّل مبدأً متكاملاً مع تشريع متكامل، حتى تكون ‏حياة الإنسان مستقيمة وسعيدة ‏وصالحة.‏

من الأقدر على أن يحدّد لنا منهج حياتنا؟ الله تعالى الذي خلقنا وسوّانا، ويعرف ما نحن عليه، هو الأقدر على ‏أن يصمّم مشروع حياتنا، وأن يضع لنا ‏التشريع المناسب.‏

قال تعالى في كتابه العزيز: "فطرةَ اللهِ التي فطرَ الناسَ عليها، فأقِم وجهكَ للدينِ حنيفًا، فطرةَ اللهِ التي فطرَ ‏‏الناسَ عليها، لا تبديلَ لخلقِ الله، ذلك الدينُ القيّمُ ولكن أكثر الناس لا يعلمون".‏

المشكلة في الجهل، لأنّ ربّ العالمين الذي خلقنا وضع لنا هذا الدستور، وضع لنا هذا التشريع، وأرسل إلينا ‏‏الأنبياء ليُعلّمونا، ليُربّونا، ليُعرّفونا على حياتنا المستقيمة السعيدة الصالحة، وهذا منسجم مع فطرة الإنسان.‏

إذًا، نبدأ من هنا. هذا الدين الذي شرّعه الله تعالى منسجم مع فطرة الإنسان، وهو لمصلحة الإنسان، حتى ‏تكون حياته حياة ‏سعيدة.‏

كيف يصل إلينا هذا التشريع؟

لا بدّ من رسول. أرسل لنا الأنبياء، وأرسل خاتمهم محمدًا صلى الله عليه وآله وسلّم، بهذه الشريعة السمحاء ‏‏التي تُضيء معالم حياتنا وتُعرّفنا على الحقائق.‏

قال تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، لماذا؟ لأنّه "وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا ‏وحيٌ يُوحى".‏

إذًا، نأخذ الرسالة من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، على قاعدة أنّه يُبلّغنا عن الله تعالى، حتى نكون في ‏‏إطار التشريع الذي يُصلح حياتنا.‏

الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم قال: "الشريعة أقوالي، والطريقة أحوالي".‏

هذه الشريعة يُعبّر عنها بأقواله، بمواقفه، بما نقله إلينا من القرآن الكريم، ومن خلال سلوكه العملي نتعلّم كيف ‏‏نُمارس حياتنا، وكيف نُطبّق هذه الشريعة.‏

هناك سلسلة لا بدّ أن تكون بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم لتتابع مسيرة إيصال الشريعة إلى الناس، وفي ‏‏قناعتنا أنّها سلسلة الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، بدأت بأمير المؤمنين علي عليه السلام وتنتهي ‏‏بالإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف. هذه السلسلة التي تتابع مسار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ‏‏كان لها محطة هامة وأساسية ترتبط بالإمام الحسين صلى الله تعالى عليه.‏

كيف عرفنا أنّ هذه السلسلة هي المطلوبة؟ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنّي تارك فيكم ما إن ‏‏تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدًا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض". ‏

من هم أهل البيت؟ يبدأون بأمير المؤمنين علي عليه السلام وتتتابع المسيرة، وكانت المحطة الحساسة ‏‏والأساسية لإصلاح الدين في مرحلة زمنية صعبة ومعقّدة، وكاد الانحراف يصل إلى أقصاه، كانت على يد ‏‏الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حسين مني ‏‏وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسينًا".‏

الله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلّغنا الشريعة، وناب عنه بعد ‏‏ذلك كأئمة معصومين الأئمة الذين نحتفي اليوم ونتعرّف اليوم على شخصيته وعطاءاته وتضحياته ‏العظيمة ‏الإمام الحسين عليه السلام الذي هو من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالولادة، وبالتوجيه، ‏وبالفكر، ‏وبالقناعات، وبالإيمان، وبالالتزام. من أراد أن يحافظ على استقامته في الشريعة المقدسة عليه أن ‏يكون مع ‏الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه.‏

إذًا نحن نُحيي ذكرى الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه من أجل أن نعود إلى الجذور وإلى الأصول، ونرى ‏‏سلوكه العملي من أجل أن نتعلم منه كيف نتخذ المواقف في الحالات الصعبة والمعقّدة والتي تحتاج إلى خيار ‏‏حاسم. ‏

ما الذي حصل مع الإمام الحسين عليه السلام؟ كان في المدينة المنوّرة وقد تسلّم يزيد الخلافة بعد ‏معاوية ‏بالملك، وهو فاسد فاسق لا يستحق أن يكون على رأس المسلمين وعلى قيادة المسلمين، ومع ذلك ‏كلّف ‏الخليفة واليه على المدينة الوليد بن عتبة أن يأخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام، يعني أن يقرّ ‏الإمام ‏الحسين عليه السلام بأن يزيد هو الخليفة، وأنه مطاع، وبذلك يأخذ شرعية لحكمه ويضلّل المسلمون ‏أكثر ‏فأكثر، لماذا؟ لأنّه إمام بهذا المستوى، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سيد شباب أهل ‏الجنة، ‏في نظر الكثيرين أنه الإمام المعصوم، فإذا عندما يقول نعم لخلافة يزيد، نعم لقيادة يزيد، يعني أنّ ‏سلوك ‏يزيد وأداءه صحيح، وبالتالي هذا يبدأ بتثبيت الانحراف بشكل مركزي، ليس في الفكر فقط وإنما ‏بالسلوك، ‏وهذا يوصل الإسلام إلى الأجيال القادمة بطريقة منحرفة وخاطئة.‏

لم يقبل الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه أن يعطي البيعة، وقال في هذا المجلس الذي كان فيه مروان بن ‏‏الحكم، والذي كان يحرّض على أخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام أو قتله، الإمام الحسين عليه السلام ‏‏كان صلبًا واضحًا: "إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد ‏‏رجل فاسق، شارب للخمر، قاتل للنفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله". لا يمكن أن ‏‏يعطيه البيعة، لأنه إذا أعطاه البيعة، معنى ذلك أنه أعطى براءة للانحراف، وسينعكس هذا على ‏كل المشروع ‏الإسلامي في الحاضر وعبر الأجيال.‏

ترك الإمام الحسين عليه السلام المدينة المنوّرة بعد هذا الموقف مع الوالي، ولكنه كتب رسالة إلى أخيه محمد ‏‏بن الحنفية. طبعًا أنا لفتني أن هذه الرسالة واضح أن الإمام الحسين عليه السلام يريد أن يترك وثيقة للتاريخ. ‏‏ماذا كتب في الرسالة إلى محمد بن الحنفية، إلى أخيه، قبل أن يخرج إلى مكة المكرمة؟ قال: "وإني لم أخرج ‏‏أشِرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله. أريد أن آمر ‏‏بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى ‏‏بالحق، ومن ردّ عليّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين".‏

يعني أنا عندي وظيفة، عندي موقف، عندي دور قيادي. عند الإمام الحسين عليه السلام دور قيادي تربوي ‏‏أساسي له علاقة بالمستقبل: "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم". ‏‏يريد الإصلاح. إذا أعطى البيعة ليزيد، ذهبت معالم الإسلام إلى الانحدار. إذا رفض البيعة ليزيد، هذا يعني ‏‏أنه ثبّت قيادته، وبدأ بالعمل من أجل أن يزيح هذا الطاغية، ومن أجل أن يصل إلى أن يكون الإسلام هو ‏‏الحَكم بحسب ما ورد عن الله تعالى وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإذًا هو كان يهدف إلى ‏‏الإصلاح في الدين، هذا هو الهدف المركزي الأساسي.‏

الإمام زين العابدين سلام الله تعالى عليه، في دعاء مكارم الأخلاق، عنده لفتة توجيهية في الدعاء، وكل ‏‏دعاء مكارم الأخلاق مدرسة كاملة لبنيان الشخصية. أنا دائمًا أقول لإخواني إن دعاء مكارم ‏الأخلاق يمسك ‏كل مفصل من مفاصل الإنسان، من عقله إلى روحه إلى قلبه إلى جوارحه إلى كذا، ويضع له ‏التوجيه ‏المناسب. ماذا يقول الإمام زين العابدين سلام الله تعالى عليه في دعاء مكارم الأخلاق؟ "اللهم ‏وانطقني ‏بالحق، اللهم وانطقني بالهدى، وألهمني التقوى، ووفقني للتي هي أزكى، واستعملني بما هو أرضى، ‏اللهم ‏اسلك بي الطريقة المثلى، واجعلني على ملّتك أموت وأحيا".‏ هذا الدعاء يرسم الطريقة التي يجب أن نفكر ‏بها. علينا أن نفكر بالاستقامة، أن نفكر بالصلاح. الإمام الحسين ‏عليه السلام ماذا قال؟ "إنما خرجت لطلب ‏الإصلاح"، الهدف الإصلاح. إذا كنت أريد أن أحقق الإصلاح في ‏حياتي وفي حياة الأمة، عليّ أن أناجي الله ‏عز وجل ليساعدني حتى أتخذ الموقف الصحيح، لأننا سنواجه ‏تحديات، سنواجه صعوبات، سنواجه ‏تعقيدات، ومرات تصل إلى القتل. ماذا يفعل الإنسان من أجل تثبيت ‏معالم الحق؟ هنا الدعاء للإمام زين ‏العابدين عليه السلام الطلب من الله عز وجل أن يساعده ويسدّده من أجل ‏أن يسلك الطريقة المثلى، التي هي ‏إقامة الحق وإقامة الدين.‏

هنا يجب أن نلتفت إلى مسألة مهمة، كيف نقارب مواقفنا في الحياة الدنيا؟ هو نموذج الإمام الحسين عليه ‏السلام نموذج للمواقف في المحطات ‏الصعبة خاصة، هناك طريقتين لمقاربة المواقف:‏ هناك من يقارب ‏المواقف تحت عنوان ما يعتقد أنه قد يؤدي به إلى الضرر، وهناك من يقارب المواقف ‏تحت عنوان الثبات ‏على الموقف الصحيح.‏ علّمنا الإمام الحسين عليه السلام أن تكون مواقفنا قائمة على الثبات على الطريق ‏الصحيح، حتى ولو كلفتنا، ‏خاصة عندما نتمكن من اتخاذ موقف يؤدي إلى آثار إيجابية ويحقق نتائج إيجابية.‏ ‏لأنه في يوم من الأيام، كان الإمام الحسين عليه السلام مع الإمام الحسن عليه السلام، فلم يقف في وجه ‏‏معاوية، ولم يقم بثورة، بل التزم بأمر الإمام الحسن عليه السلام، الذي كان الإمام المعصوم، وبالتالي كان ‏‏مقتنعًا تمامًا أن المرحلة مع معاوية تتطلب السكون، لماذا؟ لأنه لم يبلغ الأمر إلى درجة يصبح فيها التحرك ‏‏ضروريًا، لم يكن التحرك ليؤدي إلى انعطافة في حياة المسلمين. ‏

بينما مع يزيد، لا، الانعطافة في حياة المسلمين حصلت ‏بالموقف الشجاع العظيم النبيل الاستشهادي الذي قام ‏به الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه.‏

من هنا، لدينا قاعدة، لا نقارب مواقفنا بالهروب من المسؤولية وتوهم المحافظة على الحياة، الحياة بيد الله.‏ ‏بل نقارب مواقفنا بعدم الخضوع، وتحمل المسؤولية، والاستفادة من الإمكانات المتاحة. هكذا يجب أن تكون ‏‏مواقفنا، هكذا علمنا الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، حتى لا نناقش في كل قضية: "نواجه أم لا نواجه؟"، ‏‏لا، هذه مقومات الوقفة، مقومات الصلاح، مقومات الاستقامة، مقومات مواجهة الخطر، الذي لن يبقى ‏خطرًا ‏علينا فقط، بل سيصبح خطرًا على الأجيال القادمة أيضًا، كما حصل مع الإمام الحسين عليه السلام.‏

في هذه الحالة، ما المطلوب؟ هل المطلوب أن يتحرك الإنسان فقط إذا كان سيربح وينتصر ويحقق المطلوب؟ ‏وإذا لم تكن هناك إمكانية ‏لتحقيق النصر المؤزر الكبير المطلق، ينسحب؟ لا ليس هكذا، مدرسة الإمام الحسين ‏عليه السلام مدرسته مختلفة عن مدرسة أولئك الذين يبحثون عن الحياة بالمذلة والخضوع، وبنهاية المطاف ‏لن يحصلوا عليها.‏ نحن جماعة نؤمن أن الأجل بيد الله تعالى. هل يظن هذا الإنسان الذي يعيش ذليلًا ويقبل ‏أن يستسلم، فإنه في النهاية ‏سيحمي نفسه، ويحمي حياته؟ لا، حياتك إن بقيت، فليس لأنك استسلمت، بل لأن ‏الله أبقاها لك لأنه لم يأتِ ‏أجلك، "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون". ومن يُستشهد أيضًا، ‏يُستشهد في سبيل الله تعالى، ليس لأنه ذهب إلى هذا المكان، بل لأن حياته وأجله بيد الله تعالى.‏ لكن الفرق أنه ‏عرف كيف يختم حياته في موقف العز والشرف، فينتقل إلى الباري جلّ وعلا وهو شهيد ‏عظيم، قاتل وعمل ‏في سبيل الله تعالى، فأصبح عظيمًا في الأرض وفي السماء.‏

ماذا قال إمامنا الحسين، صلى الله تعالى عليه، عندما خُيّر؟ وصل إلى كربلاء، وكان لا يزال لديه فرصة، ما ‏رأيك؟ العدد الذي معك قليل، 73 شخصًا، عدد قليل، ‏ومعك عيال، فأنت أمام خيارين:‏ إما أن تبايع يزيد، ‏وبالتالي تسلم أنت وأصحابك، أو تقاتل بالمعسكر، وبالتالي بحسب المعطيات، فإن الجميع سيُستشهد في ‏سبيل ‏الله تعالى.‏ فما كان جواب الإمام الحسين عليه السلام؟ الجواب كان جواب موقف، جواب اتجاه:‏ ‏"ألا وإن ‏الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة – بحمل السيف وسلّه والقتال، وبين الذلة – بالاستسلام ‏والخضوع - وهيهات منا الذلة."‏ نعم، هيهات منا الذلة، نكررها مع الإمام الحسين دائمًا وأبدًا هيهات منا الذلة.‏

ماذا يظنون أنفسهم، أنهم يعطون الحياة؟ هؤلاء الكفار المنحرفون، هم الذين يعطون الإنسان أن يستطيع أن ‏يعيش؟ لا، الحياة بيد الله، ‏ومن عند الله، والموت بيد الله، ومن عند الله، ما نملكه هو كرامتنا، ما نملكه هو ‏موقفنا، ما نملكه هو كتابنا الذي سيحمل أعمالنا يوم القيامة.‏ ماذا نقول لله تعالى يوم القيامة عند الحساب؟ ‏الاستشهاديون أصحاب الموقف يقولون يوم القيامة ربنا قمنا بما علينا، ورفعنا لواء الحق، ونصرنا ‏المستضعفين، وكنا من المحررين للأرض، فيقول لهم بارك الله بكم، ادخلوا الجنة، وقد حققتم رضوان الله ‏تعالى.‏

‏"ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة. يأبى الله لنا ذلك، ورسوله، ‏‏والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع ‏‏الكرام."‏ هذا هو الموقف الحسيني.‏

نحن اليوم، عندما نحيي ذكرى الإمام الحسين عليه السلام، ماذا نحيي؟ نحيي ذكرى أصالة الشريعة، من الله ‏تعالى إلى محمد، إلى الأئمة عليهم السلام، إلى الإمام الحسين سلام الله ‏تعالى عليه، ومنه إلى الأمة جمعاء، أن ‏اسلكوا الموقف الصحيح، الحق، لتنجوا وتنجحوا في الدنيا والآخرة.‏ ولا أحد يستطيع أن ينهي حياة الله عزّ ‏وجل لم ينهها، ولم يُعطِها نتيجتها.‏

نحن في هذه السنة، في هذا العام، رفعنا شعار: "ما تركتك يا حسين."‏ وأرغب أن يكرر الإخوة هذا الشعار ‏ثلاث مرات الآن، من أجل أن نثبت هذا المشروع:‏ ما تركتك يا حسين... ما تركتك لأنك أنت الحق، ما ‏تركتك لأن مسارك يوصلنا إلى الله تعالى، ما تركتك لأننا ‏نريد أن نربي أجيالنا وأطفالنا على طاعة الله، ‏وعلى الاستقامة، وعلى الحياة السليمة.‏ ما تركتك يا حسين، سنستمر وسنتابع.‏

هكذا كان سيد شهداء الأمة، سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، كان يقول ما تركتك يا ‏‏حسين، وكان يجاهد ما تركتك يا حسين، وأعطى دمه وروحه ‏وحياته تحت شعار "ما تركتك يا حسين"، ‏‏وهو في الرفيق الأعلى عند الله تعالى، يعيش سعادة أبدية بسبب هذه المواقف ‏التي استطاع من خلالها أن ‏‏يجعل جيلاً كبيراً من الشباب والأمة من الرجال والنساء يسيرون على طريق الحسين، "ما ‏تركتك يا ‏حسين". ‏هذه هي المسيرة، هذه هي النتيجة التي نريد الوصول إليها. ‏

مسيرة الحسين هي المسيرة التي سار ‏عليها سيد ‏شهداء الأمة، السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، والسيد ‏الهاشمي رضوان الله تعالى عليه، وكل الشهداء ‏‏الأبرار من أبناء حزب الله والمقاومة الإسلامية وأبناء خط ‏الإمام الحسين على امتداد الأمة بحمد الله تعالى. ‏

‏أنتم يا أهل ‏المقاومة، يا أهل الشرف، أيها الأغلى والأسمى والأعظم والأتقى، أنتم رفعتم رؤوس الأمة عالياً، ‏‏وأنتم أثبتم أن الحسين ‏فينا، وأنتم ستستمرون إن شاء الله على العهد، على عهد سيد شهداء الأمة، السيد حسن ‏‏نصر الله، حتى نحقق كل ‏الأهداف على طريق النصر أو الشهادة. هذا هو طريق الإمام الحسين، سلام ‏الله ‏تعالى عليه. صلّوا على محمد وآل محمد.‏

طريق الحسين، سلام الله تعالى عليه، له أنصار وله مريدون. الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسير على ‏‏طريق الإمام ‏الحسين عليه السلام، وأنا اليوم سأتكلم عن موضوع الجمهورية الإسلامية في السياسة، ونترك ‏‏الأبحاث السياسية ‏الأخرى لليالي أخرى لأن المجال لا يتسع. الجمهورية الإسلامية واجهت عدواناً إسرائيلياً ‏‏أمريكياً عالمياً، زوراً وعدواناً، بادعاءات لا محل لها على الإطلاق. الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد أن ‏‏نجحت ثورتها في سنة 1979 على يد الإمام ‏الخميني، قدّس الله روحه الشريفة، وانطلقت عزيزة منذ حوالي ‏‏‏46 سنة تقريباً، استطاعت أن تحدث تغييراً عظيماً وكبيراً، ‏ليس على مستوى إيران فقط، بل على مستوى ‏‏المنطقة والعالم.‏

منهج الحسين عليه السلام حضر في الجمهورية ‏الإسلامية، يعني أصحاب الموقف، أصحاب الاتجاه، ‏‏أصحاب القرار، أصحاب العطاء. دعونا نجري تقييماً سريعاً، لماذا حصل هذا ‏العدوان الإسرائيلي على ‏‏الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ سأطرح أربعة أمور:‏

أولًا، الهدف المركزي لإسرائيل وأمريكا، ‏ضرب أي قدرة مستقلة وداعمة للمقاومة في منطقتنا، وضرب أي ‏اتجاه ‏يسعى إلى تحرير فلسطين، وذنب إيران الكبير ‏جداً أنها دعمت فلسطين والقدس والفلسطينيين من أجل ‏أن ‏يحرروا أرضهم المغصوبة والمحتلة. والآن حتى عندما تتحدث ‏الأمم المتحدة عن إسرائيل تقول ‏‏"الاحتلال ‏الإسرائيلي"، يعني صفة ملازمة الاحتلال منذ 75 سنة، ما زالت وستبقى، وإن شاء الله ‏يأخذونها ‏معهم ويخرجون من الأرض نهائياً.‏

فإذًا، السبب الأول أن إيران تشكل قدرة مستقلة داعمة ‏للمقاومة، وهذا أمر لا يقبلون به.‏

ثانيًا، إسرائيل كيان توسعي، والله يجب أن نفهم، يجب أن يعرف الناس، يجب أن يعرف العالم، ‏إسرائيل لن ‏تكتفي ‏بأراضي 1948 في فلسطين، ولن تكتفي بأراضي فلسطين كلها دون استثناء، ولن تكتفي باحتلال ‏‏الجولان ‏وما بعده. إسرائيل تريد أن تسيطر على كل المنطقة بقدر ما تصل إليه يدها، ولن تتوقف يوماً بعد ‏يوم، وهذا ‏تثبته ‏الأيام وتثبته الوقائع. إسرائيل تعمل للمزيد من السيطرة والتوسع، وذلك لمصلحتها ومصلحة ‏الطاغوت ‏الأمريكي، لأن ‏الطاغوت الأمريكي هو الذي سيستعمر من خلال هذه الأداة الإسرائيلية ويكبر. ‏فإذًا، إسرائيل ‏هاجمت إيران كجزء من ‏العمل التوسعي.‏

ثالثًا، لا يوجد مبرر لهذا العدوان إلا الحديث عن أن إيران ستصل إلى القنبلة النووية. كل الأدلة تدل على أن ‏‏‏النووي سلمي، وبحسب القوانين الدولية ومنظمة الطاقة الذرية، يحق لإيران أن يكون لها برنامج سلمي. ‏‏والمراقبون في ‏منظمة الطاقة موجودون داخل المنشآت، وبالتالي يعرفون كل التفاصيل، وكل تقاريرهم تدل ‏‏على أنه لا يوجد شيء عسكري. لكن ‏هم يريدون أن يرفعوا شعارًا للعملية، لا يمكنهم أن يقولوا إنهم سيعتدون ‏‏على إيران، بل يقولون إن إيران تعتدي عليهم لأنها تفكر يوماً ‏من الأيام أن تقوم بعمل عسكري، بدليل أنها ‏‏لديها مقدمات سلمية نووية، لكن من يعرف ماذا ستفعل إيران في المستقبل؟ ‏وبالتالي، نحن يجب أن نواجهها. ‏‏حسناً، الآن المحاسبة على النوايا والمواجهة على النوايا! هذا طبعاً مبرر وإسرائيل لا تحتاج إلى ‏مبرر.‏

رابعًا، تبيّن من هذا العدوان أنه مهما عملت أمريكا، ومهما كانت مكانتها في العالم، ومهما حاولوا أن يغشوا ‏‏بالإعلام ‏ويكذبوا على العالم، فإن العالم كله تقريباً، من دول وشعوب، استنكر العدوان الإسرائيلي على إيران. ‏وهذا ‏ما معناه؟ معنى أن العمل بشع جدًا، وإجرامه واضح جدًا، وواضح جدًا بأنه هو عمل عدواني حقيقي ‏على دولة ‏مستقلة. ‏

ما هي النتائج التي حصلت؟ بناءً على هذه المقدمات التي عملت على أساسها إسرائيل ‏للعدوان مع أمريكا، ما ‏هي النتائج التي تحققت؟

النتيجة الأولى، أفشلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أهداف العدوان الثلاثة، كان هناك ثلاث أهداف ‏للعدوان، ‏أولاً إلغاء التخصيب النووي، وبالتالي إيران عندها بعد وستستمر، والأضرار مهما كانت بالغة، ‏في ‏نهاية المطاف لديهم العلم والإرادة والقرار، وبالتالي لم يتمكنوا من إنهاء البرنامج النووي السلمي.‏

ثانيًا، كانوا يريدون ضرب البرنامج الصاروخي، لماذا؟ لأن الصواريخ تشكل حالة دفاع، هم لا يريدون دولًا ‏‏تقدر أن تدافع عن نفسها، لا يريدون شعوبًا تدافع عن نفسها حتى يتمكنوا أن يقرروا ما يريدون، يدخلون إلى ‏إيران ويخرجون منها متى ما أرادوا، لكن الصواريخ تمنعهم، فماذا حدث؟ لم يستطيعوا أن يضربوا المنظومة ‏‏الصاروخية، وبقية الصواريخ تنزل وتعمل تأثيراتها الكبيرة على الكيان الإسرائيلي.‏

ثالثًا، كانوا يريدون إسقاط النظام، عندما ضربوا البنية الأولى من القيادة واستهدفوا ولو بالتهديد سماحة الإمام ‏‏القائد دام ظله، وكذلك ضربوا الضربات المتعددة على النووي وعلى الصاروخي، كانوا يعتقدون أن القيادة ‏‏في إيران ستنهار، وبالتالي تستطيع إسرائيل التعاون مع جهة أخرى، وبالتالي تقدر أن تقود المسرح الإيراني ‏كما ‏تريد، وهذا أيضًا لم يحصل.‏

إذًا ثلاث أهداف إسرائيلية كانت تريدها من خلال هذا العدوان على إيران: النووي وإلغاؤه، الصاروخي ‏‏وإلغاؤه، وإسقاط النظام، والثلاثة أهداف سقطت بالكامل بحمد الله تعالى.‏

اليوم نحن نعتبر أن إيران خرجت منتصرة بعد 12 يومًا، وقف إطلاق النار بالتأكيد هو مصلحة إيرانية ‏‏حقيقية لأنه إيقاف لعدوان عليها، وهذا الوقف لإطلاق النار هو إعلان مباشر ورسمي لسقوط أهداف العدوان ‏‏على إيران، هذه أول نتيجة.‏

النتيجة الثانية، لدينا إجماع شعبي منقطع النظير، ومعروف أن إيران دولة حرة، فيها معارضة، فيها موالاة، ‏‏فيها ناس عندهم موقف من النظام، وبالتالي هناك بعض المعارضات في الخارج وبعض المعارضات في ‏الداخل، ومن اللافت أن كثيرًا من هذه الجهات التي لها إشكالية على النظام وعلى إدارته تعود لتلتف عندما ‏‏تتعرض إيران الدولة والكيان إلى هذا الخطر وإلى هذا الاحتلال، كان هناك إجماع حقيقي على المستوى ‏‏الشعبي، وهذا أمر عظيم.‏

هذا الإجماع الشعبي ملتف حول القيادة، قيادة الإمام القائد ولي الأمر المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى ‏‏الإمام الخامنئي دام ظله، هذا الالتفاف مهم، وهذا يدل على أن ما زرعه القائد وما زرعته الثورة له آثاره ‏الحقيقية ‏على هذا الشعب وعلى ارتباطه، ومعهم القوات المسلحة، حرس الثورة الإسلامية المباركة، ‏والجيش، وكل ‏القوى الأمنية والعسكرية التي وقفت صلبة تقدّم القائد تلو القائد والمجاهد تلو المجاهد وتبقى ‏في الميدان ‏عصية وقوية وشجاعة لا تخشى أحدًا إلا الله تعالى.‏ هذه نتيجة عظيمة. ‏

إيران لديها قوة عظمى لا تضاهى، لديها ثلاث ركائز أساسية، لا يفكر أحد أن إيران ‏سهلة، لا، إيران لديها ‏قوة عظمى لا تضاهى مبنية على ثلاث ركائز:‏

أولًا، قائد شجاع حكيم ملهم يقتحم المصاعب ويقف في الميدان، لا يخشى في الله لومة لائم، يقتحم المصاعب ‏‏بنور الله تعالى وبتسديده، وهو واثق بالنصر، من اليوم الأول يقول نصر من الله وفتح قريب، هذه ركيزة ‏‏عظيمة.‏

ثانيًا، شعب له سجل حافل على الأقل من أول انتصار الثورة الإسلامية إلى الآن، كم تحمل، كم عانى، ‏الحرب ‏العراقية على إيران التي استمرت ثماني سنوات، والشعب يعطي الملايين من الشهداء والجرحى لكنه ‏بقي ملتفًا ‏حول القيادة وبقي يعطي وبالتالي استطاعت إيران أن تنتصر، وقتها العراق كان الواجهة، لكن كل ‏الدنيا، كل العالم، كل الدول كانوا ‏ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانوا يريدون إسقاط النظام الإسلامي ‏القائم، لم يستطيعوا، لأن هناك هذا ‏القائد وهذا الشعب.‏

ثالثًا، حرس الثورة الإسلامية المباركة والقوى الأمنية التي هي أصحاب سجل مليء بالتضحيات، إذا كان ‏‏حرس الثورة يأتي إلى المنطقة من أجل فلسطين، إذا كان يدعم المستضعفين في كل العالم، إذا كان يدرب ‏‏الأحرار في كل العالم، فإنه بالتأكيد سيعطي ببلده العطاءات المميزة، وهذا ما فعله حرس الثورة الإسلامية ‏‏الذي خاض ميادين الشرف في كل مكان، والذي أعطى هذا العطاء مع القوى الأمنية ومع الجيش، ولا ننسَ ‏‏أيضًا إدارة الدولة والمسؤولين وكل الذين عملوا في هذا الاتجاه.‏

إذًا، إيران الحمد لله أثبتت أنها قوة عظمى لديها هذه الركائز الثلاثة: القائد والشعب والقوى الأمنية المسلحة ‏‏والجيش ‏وحرس الثورة. ‏

ثالثًا، أثبتت إيران - وهذه انتبهوا لها - أثبتت إيران أنها قادرة وحدها على ‏مواجهة هذا الطاغوت ‏العالمي ‏أمريكا ومعه المجرمة إسرائيل ومعه الدعم الأوروبي بنسبة كبيرة، ‏واستطاعت إيران أن تقف وحدها. إيران ‏لا ‏يدخل لها دعم عسكري من دول، ولا عندها طيران وخط إمداد ‏للذخائر، ولا عندها دول تحارب معها، لا، ‏لوحدها الجمهورية ‏الإسلامية الإيرانية، وحدها واجهت، إيران ‏واجهت وحدها بقدراتها التي صنعتها، ‏بإمكاناتها الذاتية في مواجهة إمكانات ‏أمريكا الضخمة وأساطيل ‏الطائرات المحملة بالأسلحة والذخائر إلى ‏الكيان الإسرائيلي، وكل الأعمال التجسسية ‏والإعلامية ‏والضغوطات والسياسة وكل الممارسات، ومع ذلك ‏إيران وقفت وحدها. هذا ليس سهلًا أن تقدر إيران ‏‏وحدها تواجه كل المواجهة وتقول أنا هنا. بارك الله بكم ‏أيها الشعب الأبي، بارك الله بإيران الفتية المعطاءة ‏المضحية، ‏وقد سببت وحدها أضراراً بالغة في الكيان ‏الإسرائيلي الذي استنجد بأمريكا وأثبت مجدداً أنه ‏عاجز هذا الكيان عن أن ‏يستمر يوماً واحداً إذا لم يكن الدعم ‏الأمريكي ليل نهار لا يتوقف بكل الأشكال وبكل ‏الأساليب. تقولون يعني إسرائيل ‏قوية؟ لا، إسرائيل ليست ‏قوية، إسرائيل مزروعة لتنفذ قرارات استكبارية ‏الآن متمثلة بأمريكا ومن معها. ‏

رابعًا، ثبّتت إيران ‏موقعها الإقليمي والدولي، لم يعد أحد قادرًا اليوم أن يقول من هي ‏إيران وما هي إيران؟ لا، ‏ثبّتت موقعها الإقليمي والدولي، ‏بقناعاتها وخياراتها، لم تتنازل عن شيء أبداً. الآن ‏إيران بعد الحرب مثل ‏إيران قبل الحرب وأشد. إيران هي سند ‏للمقاومة، وهي جمهورية مستقلة، وهي حليف ‏الجوار والأصدقاء، ‏وهي قادرة على أن تشكل أمناً جماعياً لدول المنطقة ‏من دون الحاجة لأمريكا ولمن ‏معها، وقد كشفت بشكل ‏واضح أن تدخل أمريكا في المنطقة يحمي إسرائيل ويضر دول ‏المنطقة. لا أحد يفكر ‏أن القواعد الأمريكية ‏الموجودة في المنطقة هي لحماية أهل المنطقة، لا، لحماية إسرائيل، بدليل أنه ‏الآن ‏خاضت أمريكا عدواناً ‏على إيران مستفيدة من إمكاناتها في المنطقة، أين تحمي المنطقة؟ تحمي إسرائيل. ‏إسرائيل ‏التي لم تتوقف ‏حتى الآن عن الإبادة في غزة أمام مرأى الجميع، أين العالم، أين الدول، أين الذين يهتمون بالإنسانية، لا ‏تعرفون إلا الكلام؟ لا، نريد فعل، نريد عمل. أتمنى أن يأخذوا درساً من إيران، أن يتعلموا ‏من إيران، وقفت ‏ونجحت واستطاعت ‏أن تقول إيران مستقلة. ‏

نحن في لبنان كحزب الله مع خيارات إيران ‏الاستقلالية وضد الاحتلال والهيمنة الأمريكية، ضد ‏الاحتلال ‏الإسرائيلي. البعض يقول: لماذا هكذا معلقون ‏بإيران؟ لأن هذه إيران تمثل شرفاً، تمثل كرامة، لأنها تدعم ‏‏المستضعفين، أعطتنا كل شيء، ولم تأخذ منا ‏شيئاً، لماذا لا نكون معها؟ متوافقين معها بالفكر، بالقناعات، ‏بالاتجاهات ‏العملية، بمواجهة الاحتلال، كل ‏ما تقوم به إيران شرف، قولوا لي أين الشرف عند الآخرين؟ ‏قولوا لي ‏ماذا يعملون لفلسطين؟ ماذا ‏يدعمون لبنان؟ ماذا يدعمون الحق؟ قولوا لي؟ بينما إيران هكذا. نعم ‏طبيعي نقول ‏نحن إلى جانب إيران، ‏نحن مع إيران، نفتخر أننا مع إيران، نحن تحت لواء القيادة الحكيمة ‏العظيمة الشجاعة للإمام ‏الخامنئي دام ظله. يا ‏جماعة، هذا دين، هذا دنيا وآخرة، هذه استقامة، هذا عطاء نبيل ‏شريف، هذه تربية للأمة في المستقبل. لذلك ‏‏طبيعي أن نكون هنا، وليس طبيعياً أن الآخرين يلومونا على أننا ‏كذلك. ‏

العدو واحد، هو العدو الإسرائيلي، ‏وخيارنا أن ‏نعمل لتحرير الأرض والاستقلال وبناء البلد. لا يمكن أن ‏نخضع للإملاءات، ولا أن نستسلم ‏للاحتلال. هذه حياتنا، وهذا ‏وطننا، نريده عزيزاً لأجيالنا ومستقبلنا. ‏سنقاوم من أجل ذلك بالغًا ما بلغت ‏التضحيات والنتائج. نحن أبناء الحسين، نحن ‏أبناء سيد شهداء الأمة، نحن ‏أبناء المجاهدين الشرفاء، نحن ‏أبناء هذا الخط. ‏

 

بالخاتمةأود أن أعتذر من الجمهور الكريم أني ‏كنت أتمنى لو أكون بشكل مباشر أتحدث ‏معكم وأتواجد بينكم ‏كسباً للأجر بحضور المجالس، لأن المجالس قيمتها ‏وأجرها بحضورها، ليس عن بعد، ‏لكن الظروف الأمنية ‏هي التي حالت دون ذلك.

 أعتقد أنكم تعذروني، وعلى كل حال نسأل الله ‏تعالى أن يكشف ‏هذه الغمة عن هذه ‏الأمة.

 

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

الخميس 26-06-2025‏

‏30 ذو الحجة 1446 هـ


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

المقالات الأكثر زيارة