في 14 آذار 2011 بدأ التَّدخل بقيادة السُّعوديَّة في البحرين بناءً على طلب حكومتها، حيث كانت الاحتجاجات تخرج عن السّيطرة بحسب تصريحات السُّلطات البحرينيّة، ومن المفارقات تدخّل قوة عسكريّة أخرى بالتزامن.
بعد ثلاثة أيّام من عبور القوّات السُّعوديّة والإماراتيّة الحدود، وقّعت الجماعات المعارضة البحرينيّة السّبع، إعلانًا يدين التّدخُّل ويطالب بانسحابه. فذكرت آنذاك حملة مناهَضة تجارة الأسلحة (CAAT)، أنّ المملكة السّعوديُّة أرسلت “عشرات ناقلات الجنود المُدرَّعة البريطانيّة الصُّنع إلى البحرين للمساعدة في قمع الحكومة الدَّموي للمتظاهرين المؤيّدين للدّيمقراطية” ـ الأمر الّذي يتنافى مع تصريحات العديد من الدُّول لناحية إدانة التّدخُّل العسكريّ في البحرين. وبالتّوازي، بدأت منظّمات حقوق الإنسان من جميع أنحاء العالم في إظهار غضبها من التّدخُّل، حيث ضغط الكثيرون على حكوماتهم لانتقاد الموقف ومعارضته علنًا.
أطلقت منظّمة Amnesty International حملة بعد بضعة أيام في 18 آذار/مارس 2011، ذكرت أنّه “تمّ اعتقال ثمانية من نشطاء المعارضة البارزين في البحرين بعد استخدام القوّة المفرطة بشكل صارِخ من قِبَل قوّات الأمن البحرينيّة بِدعم من القوّات السُّعوديّة “ضِدّ مُناهِضي الحكومة”. كذلك أطلقت منظّمة Freedom House حملات في أعقاب المداخلة، ووصفت إحداها البحرين بأنّها “واحدة من أكثر دول الشَّرق الأوسط قمعًا”. بالإضافة إلى منظمة Physicians for Human Rights الّذين قالوا أنَّ منهجيّة التّدخُّل “غير مسبوقة في تاريخ 100 عام من استخدام الغاز المُسيِّل للدُّموع ضِدّ المدنيّين”.
كما قامت Human Rights Watch بحملة مفادُها أنَّ “حلفاء البحرين قد اختاروا سياسة الاسترضاء والرُّضوخ الكارثيّة وظلّوا صامتين إلى حدٍّ كبير في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان الّتي قد يندِّدون بها بصوتٍ عالٍ إذا حدثت في بلدٍ أقلّ أهميّة من النّاحيةِ الاستراتيجيّة”. وقد عبّر العديد من المنظّمات والأشخاص العامّين عن معارضتهم للتّدخل أيضًا، لكنّ التّدخُّل بقيادة السُّعوديّة استمرَّ بثباتٍ تحتَ رايةِ أنَّهم كانوا يحمونَ المنشآتِ الحيويّةِ مثلَ حقول النّفط، والّتي أثبتت بالطّبع أنّها “مهزلة”. فهل كانت القوّات السُّعوديّة أو الإماراتيّة تحمي المنشآت الحيويّة في ساحات الاحتجاجات السّلميّة أو في دوار اللُّؤلؤة!!
إذاً، لا تزال الحقيقة قاتمة! لماذا لم يكن التَّدخُّل بقيادة السُّعوديّة في البحرين أمرًا متداولًا في وسائل الإعلام الدُّوليّة؟ وماذا لو قامت الولايات المتّحدة الأمريكيّة (على سبيل المثال) بإرسال قوّات عسكريّة “لمساعدة” المملكة المتّحدة في قمع احتجاجات ديمقراطيّة تحت عنوان حِلْف شمالِ الأطلسي؟ لكان أُصيبَ الإعلام بالجنون ، أما في البحرين فقد تمَّ تعطيل كلّ وسائل الإعلام المُستقلّة وفرْض تدابير صارمة على وسائل الإتّصال الاجتماعيّة إضافةً إلى سياسات التّخويف والتّرهيب الّتي تعتمدها السُّلطاتُ البحرينيّة اتّجاه المعارضين، إذ أصبحت البحرين توصم بمملكة الصّمت والموت. فضلًا عن الدّعم والمظلّة السُّعوديّة، وأنَّ أيّ تغطية أو نقل لأحداث ومظلوميّة الشّعب البحريني سيطال النِّظام السُّعودي، الأمر الّذي شكّل دافعًا رئيسيّاً للصّمتِ الإعلامي نتيجةَ المصالِح مع النِّظام السُّعودي “المُدان الأوّل” في انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدُّوَلي.
لذا، يجب تذكُّر الحدث باستمرار والتّحدُّث عنه ونشرِه على نطاق واسع على أمل خلق رأي عام وضغط من شأنه وضع حدّ لانتهاكات حقوق الإنسان وتشكيل حاجز لوقف التّدَخُّلات الّتي تقودها السُّعوديّة في المنطقة.
راغب أحمد ملّي – لندن