الزيارة التي قام بها وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر العاطفي الى مشارف مدينة نجران جنوب السعودية وتفقده القوات اليمنية هناك ، تحمل في طياتها رسائل هامة للجانب السعودي خاصة وأنها تأتي بعد أربعة أعوام ونصف من العدوان السعودي على اليمن والتي كان حينها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعتقد بأنه سيجتث اليمنيين خلال أسابيع معدودة.
وقد أكدت زيارة اللواء العاطفي للقوات المرابطة على مشارف المدينة أن الشعب اليمني رغم الجراح لا زال قوياً وصامداً ، وأن النصر حليفه في هذه الحرب حيث استطاع بإمكانياته الذاتية المحدودة قلب الموازين والثبات في أحلك الظروف.
ويعد حضور اللواء العاطفي في هذه المواقع المتقدمة والمشرفة على المدينة انتصاراً بحد ذاته خاصة وأن السعوديين كانوا قد دفعوا بآلاف مؤلفة من الجنود إلى هذه المواقع بهدف التقدم في العمق اليمني والسيطرة على محافظة صعدة والمناطق الحدودية في الجوف وحجة، وعمل السعوديون بإشراف عسكري أمريكي وبريطاني وفرنسي من خلال إدارتهم للمعركة بمجموعات عسكرية متواجده قرب الحدود على تشكيل عشرات الألوية العسكرية من المرتزقة اليمنيين المنتمين للتيارات للسلفية الجهادية والإخوان والجماعات التكفيرية والزج بهم إلى الخطوط الأمامية للمعركة في الحدود ، بغية حماية القوات السعودية ولكي يكونوا رأس حربة في المعركة للتقدم في العمق اليمني، ولم تكتفِ السعودية بتشكيل هذه الجماعات التي يقدر عددها باكثر من سبعة آلاف مسلح، بل إنها أحضرت أيضا آلاف المرتزقة من ميليشيات الجنجويد السودانية للقتال في الحدود ، وتتولى أيضا العديد من الدول تقديم دعم لوجستي ومعلوماتي لكل هذه الجيوش التي جمعتها السعودية وتشير المعلومات الى وجود آلاف من المرتزقة من باكستان وبنجلادش وغيرها من الدول الآسيوية كقوات مرتزقة لتقديم الدعم الوجستي للجيش السعودي في جنوب المملكة.
الإمارات أيضا لها حضور عسكري داخل الحدود السعودية وتنشط من خلال ايجاد دعم لوجستي في إدارة المرتزقة وكذلك العمل مع الامريكيين والبريطانيين والفرنسيين في إدارة هذه الجيوش وتقديم دعم واستشارات فنية وعسكرية وقتالية للمرتزقة والجيش السعودي وكذلك إدارة الملف الجوي والغارات الجوية وإدارة منصات الصواريخ والباتريوت.
وقد وضعت السعودية ثقلها وكل طاقتها في حدودها الجنوبية واحضرت المستشارين العسكريين من أرجاء العالم، وشكلت العديد من الوحدات العسكرية بغية اختراق الحدود والتقدم في العمق اليمني علها تحقق اي انتصار عسكري ولو شكلي في هذه الحرب، وعملت على إطلاق حملاتٍ دعائية إعلامية لصناعة انتصارات مفترضة عجزت عنها في الميدان، وتعمل القنوات السعودية ليل نهار على بث الشائعات والاخبار الكاذبة حول تقدم ما في صعدة واسقاط مديريتها ، لكن الدعاية السعودية هذه فقدت مصداقيتها وأثبتت فشلها وكذبها خلال الاعوام الماضية ، ومن أشهر تلك الأكاذيب الإعلامية التي بثتها القنوات السعودية ونالت شهرة في اليمن وباتت محل تندر ، ادعاء سيطرتها على مطار صعدة قبل ثلاث سنوات ووصولها الى المدينة، فيما لا زالت تتحدث الآن عن قتال في الحدود.
ولا يخفى على احد اليوم الوهن والفشل الذي حل بالرياض في حدودها الجنوبية فالقوات اليمنية لازالت في الحدود واستطاعت التوغل عدة كيلومترات داخل العمق السعودي وحافظت على المواقع التي سيطرت عليها في الداخل واصبحت تسيطر نارياً على مدينة نجران ، كما أن القوات اليمنية كبدت القوات السعودية والمرتزقة معها خسائر فادحة في الارواح والعتاد وأصبحت مشاهد الهروب الجماعي للجيش السعودي ومرتزقته امام ضربات القوات اليمنية حديث الناس في اليمن والدول العربية.
وقد بلغ عدد قتلى الجيش السعودي خلال الأسابيع القليلة الماضية 70 قتيلاً بينهم قيادات رفيعة . وقال مصدر عسكري يمني إن إحصائية للإعلام الحربي رُصدت من وسائل إعلام سعودية رسمية وغير رسمية بينت أن خسائر جيش النظام السعودي تضاعفت خلال الأسابيع القليلة الماضية ، مضيفا أن الأعداد الحقيقية للقتلى والجرحى من الجيش السعودي تفوق ما يتم الإعلان عنه في الإعلام السعودي بأضعاف، وذلك لتعمد النظام السعودي التكتم على خسائره للعام الخامس على التوالي من عدوانه على اليمن. وأشار المصدر إلى أنه رغم تعمد النظام السعودي إبعاد جنوده عن المعارك، واعتماده على مرتزقته من السودان واليمن، يتكبد جيشه خسائر فادحة في الأرواح بصورة مستمرة في عمليات نوعية للجيش واللجان الشعبية.
كما ان الحضور العسكري الامريكي والبريطاني والفرنسي والاماراتي في الحدود السعودية ايضا فشل في ايجاد اي استراتيجية للجيش السعودي في الدفاع عن مواقعه في العمق السعودي او التقدم في العمق اليمني ، وفشل ايضا في حماية العمق السعودي من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التي تخترق الأجواء وتصيب أهدافها بدقة داخل العمق السعودي. ولا ننسى هنا فشل القوات السودانية وتعرضها لضربات قاصمة أفقدتها توازنها فيما قتل الآلاف من المرتزقة اليمنيين, وأصبحت الاختلافات بينهم وبين السعودي هي الطاغية على مشهد الحرب هناك حيث تعتقل السعودية المئات منهم وتقوم بتخييرهم بين القتال او القتل والتعذيب في السجون ، وقد تمكن العديد منهم من الفرار وقدموا روايات مرعبة عن المعاملة والممارسة العنصرية واللا انسانية من الجانب السعودي ضدهم خلال الاعوام الماضية.
وعلى اي حال فان حضور العاطفي في الحدود يؤشر حسب العديد من المحللين العسكريين الى تصعيد قادم من قبل الجيش واللجان الشعبية في العمق السعودي ، خاصة بعد انهيار قوات المرتزقة التي كان يختبى الجنود السعودييو خلفهم ، كما انها رسالة خاصة من العاطفي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان تقول ان جميع الخطط السعودية والاستراتيجية طيل هذه الاعوام فشلت وانهارات وان اليمن يتعافى من خلال بناء قدراته العسكرية واعادة هيكل الموسسة العسكرية التي سيكون لها اليد الطولى في الايام القادمة.
عبدالرحمن راجح / العالم