كثر الحديث عن تورط المستشار السابق للديوان الملكي السعودي سعود القحطاني في مقتل الصحافي جمال خاشقجي في الثاني من تشرين الأول/أكتوبرالماضي، بالقنصلية السعودية بإسطنبول لكن وكالة "رويترز" افادت اليوم بأن القحطاني لم يمثل أمام القضاء السعودي...
ويعد القحطاني (40 سنة) من بين الأسماء البارزة التي تداولها الإعلام الدولي في إطار قضية مقتل خاشقجي، إذ وجهت له أصابع الاتهام في مقتل الصحافي السعودي. وأقيل من منصبه يوم السبت 20 تشرين الأول/أكتوبر من قبل الملك سلمان، تزامنا مع إعلان اعتراف السعودية بمقتل خاشقجي.
ونقلت وكالة رويترز اليوم الأحد عن سبعة مصادر مطلعة تأكيدها أن القحطاني، المقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، ليس بين المتهمين الـ11 في القضية ولم يحضر أيا من أربع جلسات استماع سرية عقدت في الرياض منذ يناير الماضي، على الرغم من تعهدات السعودية بملاحقة جميع المسؤولين عن اغتيال خاشقجي.
وأكدت المصادر السبعة لـ"رويترز"، والتي لم تحضر تلك الجلسات، أن نائب رئيس المخابرات العامة السابق أحمد عسيري بين المتهمين، وتابعت ثلاثة من المصادر تأكيدها أن العقيد السابق في الاستخبارات السعودية، ماهر مطرب، والخبير في الطب الشرعي، صلاح الطبيقي، يواجهان عقوبة الإعدام.
وكان القحطاني حسب رويترز "اتصل شخصيا بخاشقجي يوم دخوله القنصلية السعودية بإسطنبول، عبر سكايب وأهانه وسبه قبل أن يرد عليه هذا الأخير". القحطاني أمر مدبري عملية القتل بإحضار "رأس الكلب" (وهو يقصد رأس خاشقجي) إلى السعودية.
ويقول الصحفي خالد الجيوسي في صحيفة راي اليوم ان المشهد المتعلق بخاشقجي، الذي نقلته وكالة رويترز اشبه إلى المسلسلات التاريخية، ولا نعلم حقيقة من كان يشاهد هذا المشهد الدموي عبر مكالمة السكايب أهو المستشار للملك السعودي المعفى من منصبه سعود القحطاني فعلا، أم ولي العهد السعودي، والذي كما تقول رويترز قام بتوجيه الشتائم المقتول، ومن ثم أمر رجاله الخمسة عشر رجلا بجلب رأسه، أو كما تردد بأنه قال لهم: "جيبولي راس الكلب"، أي بعد قطعه للعاصمة الرياض.
ويشير الجيوسي الى ان جلب الرأس إلى العاصمة الرياض، يذكرنا بالتأكيد، بقصص الخلافة الإسلامية، وتقطيع الرؤوس الذي كان يطال المعارضين لهذا من شعراء وفرسان، أو الواقعين تحت "فتح" ذاك، فتجد رأس زعيم هذه المدينة أو خليفتها جسده في مكان، ورأسه على أسوار المدينة، ليكون عبرة لمن لا يعتبر، ودلالة على قوة هذا "الفاتح" المغوار الذي فرض حكمه بحد السيف، وربما بفارق بسيط أن رأس خاشقجي لن يعلق على بوابة الرياض، لكنه بالتأكيد بات عبرة ورعبا للجميع، فهذا هو الحال مع المسالمين، فكيف بغيرهم؟
ولد القحطاني في كانون الثاني/يناير 1978. وبعد مرحلة دراسية وجامعية في مجال العدالة الجنائية بجامعة نايف، التحق بكلية الملك فيصل الجوية كمحاضر في مادة القانون ثم مديرا لشؤون الأفراد وشؤون الضباط في نفس الكلية.
وفي 2003، أصبح مستشارا قانونيا في سكرتارية ولي العهد ثم مديرا لدائرة الإعلام في نفس المكان في 2004، قبل أن يعين نائبا لمدير عام مركز الأرصاد الإعلامي في الديوان الملكي عام 2005.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2015، تولى سعود القحطاني منصب المشرف العام على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في الديوان الملكي، ثم منصب مستشار في الديوان الملكي بمرتبة وزير.
وسطع نجم القحطاني في سماء المملكة مع وصول الأمير محمد بن سلمان إلى الحكم كولي للعهد. وأصبح من أبرز المقربين منه ومن بين الأشخاص الذين يثق فيهم. وكلفه محمد بن سلمان بوضع إستراتيجية إعلامية واسعة وبإدارة الحملات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار تويتر بهدف "تلميع صورة الأميرسلمان في الداخل والخارج"
يمتلك القحطاني نفوذا كبيرا على تويتر. فحسابه يتابعه أكثر من مليون وربع شخص. وهو يستخدم تويتر كمنصة للتأثير على المجتمع السعودي ولجس نبضه والدفاع عن صورة ولي العهد. وكان قد ردد مرارا أنه "لا يتصرف من تلقاء نفسه، بل إنما ينفذ أوامر الأمير".
وفي شهر أيار/مايو الماضي، دعا القحطاني عبر تويتر إلى الكشف عن الإعلاميين "المسيئين" للسعودية، ونشر أسمائهم و"إساءاتهم" في سلسلة تغريدات نشرها تباعا على حسابه الرسمي، وذلك من خلال هاشتاغ. وربط يومها بعض المغردين هذا القرار بتغريدات لإعلاميين عرب حملت انتقادات لقرارات سعودية في الشأنين العربي والدولي في خضم الأزمة مع قطر.
ورغم تنحيته من منصبه منذ السبت 20 تشرين الأول/أكتوبر، إلا أنه لا يزال نشطا على تويتر، حيث نشر تغريدات آخرها تلك التي شكر فيها ولي العهد كاتبا": "أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسمو سيدي ولي العهد الأمين، على الثقة الكبيرة التي أولوني إياها، ومنحي هذه الفرصة العظيمة للتشرف بخدمة وطني طوال السنوات الماضية. سأظل خادماً وفياً لبلادي طول الدهر، وسيبقى وطننا الغالي شامخاً بإذن الله تعالى".
وحسب وكالة رويترز فقد زج بالقحطاني في السجن بالرياض، بينما أكدت مصادر أخرى أنه حر طليق. لكن تبدو الرواية الثانية أقرب إلى الواقع. والدليل نشره في الثلاثاء 23 تشرين الأول/أكتوبر تغريدة جديدة مرفقة بصور حول فعاليات "مبادرة مستقبل الاستثمار" أو ما يعرف بـ"دافوس الصحراء" التي تحتضنها السعودية من 23 إلى 25 من هذا الشهر.
وكشف موقع "الخليج (الفارسي) أونلاين"، أن القحطاني هو الذي خطط لعملية احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بالرياض في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، مضيفا نقلا عن وكالة رويترز أن القحطاني "أشرف شخصيا على استجواب الحريري وإهانته وأرغمه على الاستقالة".
كما أنه متهم أيضا بالوقوف وراء الهجوم الاعلامي غير المسبوق الذي استهدف قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد في 23 مايو/أيار 2017 وقرصنة وكالة الأنباء القطرية عبر تداول بيان "مفبركً" للأمير تضمن "ادعاءات عن توتر العلاقات القطرية مع إدارة ترامب ودعوة الدوحة كل من مصر والإمارات والبحرين إلى مراجعة موقفهم المناهض لقطر" وفق جريدة "الخليج (الفارسي) الجديد".
مهمات أخرى أسندت لسعود القحطاني، مثل حملة التوقيف التي استهدفت حوالي 200 أمير سعودي ومسؤولين كبار في جهاز الدولة وحبسهم خلال 3 شهور تقريبا في فندق "ريتز كارلتون" بالرياض في 4 تشرين الثاني /نوفمبر 2017 الماضي بـ"تهمة الفساد المالي".
وينظر إلى القحطاني على أنه الذراع الأيمن لمحمد بن سلمان وكاتم اسراره حيث تعرف عليه عندما كان والد بن سلمان حاكما للرياض ثم وليا للعهد قبل أن ينصب ملكا للسعودية في 2015.
ويتقن القحطاني استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لمراقبة المعارضين للنظام السعودي.
وكان خاشقجي قال في حديثه الأخير لمجلة نيوزويك الأمريكية إن القحطاني "كان المسؤول الإعلامي في الديوان الملكي في وقت الملك عبد الله، وكان صديقاً لي وكنت أعرفه جيدا جدا". وكتب خاشقجي عن القحطاني في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية يقول إن لدى القحطاني قائمة بأسماء المعارضين ويدعو السعوديين لإضافة أسماء إلى تلك القائمة.
وقال مقربون من خاشقجي في وقت سابق إن القحطاني حاول استمالته من أجل العودة إلى السعودية بعد انتقاله للإقامة في واشنطن منذ حوالي عام خوفا من التنكيل به بسبب آرائه.
وسبق أن أعلن النائب العام السعودي سعود المعجب في نوفمبر الماضي توجيه اتهامات رسمية في القضية المدوية إلى 11 شخصا من مواطني المملكة، ويواجه خمسة منهم عقوبة الإعدام، دون الكشف عن أسماء هؤلاء.
وأكد النائب العام أن القحطاني كان على تنسيق مع نائب رئيس المخابرات عسيري الذي أمر بإعادة خاشقجي المقيم خارج المملكة والمتعاون مع صحيفة "واشنطن بوست" إلى بلاده، مضيفا أن القحطاني التقى فريقا أمنيا قبيل توجهه إلى اسطنبول لقتل الصحفي المذكور.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على القحطاني وعسيري ومطرب والطبيقي لدورهم في مقتل خاشقجي.وكان مصدران من المخابرات في المنطقة قد كشفا لوكالة رويترز بعد أسابيع من الجريمة أن القحطاني أشرف على قتل خاشقجي وتقطيع أوصاله بإصدار الأوامر عبر سكايب لفريق مؤلف من عناصر في أجهزة الأمن والمخابرات.
وتقول صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن القحطاني غير معروف في الغرب كأحد المستشارين المقربين من بن سلمان، ولكن في المنطقة الخليجية هو المسؤول الأعلى صوتا.
وأضافت الصحيفة أنه عندما أطلقت السعودية حملة لعزل قطر كان القحطاني صاحب أكثر الأفكار استفزازاً، مثل حفر قناة لفصل قطر من شبه جزيرة لجزيرة، كما كان مصدرا للعديد من الأخبار الكاذبة بشأن عدم رضا القطريين عن الأسرة الحاكمة في قطر. وتصفه شبكة "العربي الجديد" القطرية بستيف بانون السعودية.
يقول عنه برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة برينستون والذي يعرفه منذ عام 2006، إنه "موال بشدة ولو طلب منه أحد الأمراء تنفيذ شيء فسيحرص على التنفيذ".